التواريخ : 2 / قسم 1 / 595 : إن هولاكو قد أمر بعد انتهاء عمليات الإستباحة بإصلاح ما خرب من المدينة وترميم أسواقها ، وإعادة أعمال أهلها إلى ما كانت عليه سابقاً . . . . وهكذا نرى أن هولاكو لم يحكم العراق حكماً مغولياً مباشراً برجال مغول ، بل ترك حكمه لأهله مستقلين به . . . . ويمكننا القول إن أول حاكم فعلي حكم العراق بعد سقوط بغداد مباشرة هو عماد الدين عمر بن محمد القضوي القزويني . . . وكل الأحداث تشهد أنه حكم العراق حكماً مستقلاً وأن يده أطلقت في هذا الحكم إطلاقاً كاملاً لا تدخل مغولياً فيه ولا سيطرة ( هولاكوية ) تحول بينه وبين تنفيذ ما يخطط لإنهاض الوطن . . . ثم يصف ابن الفوطي بعض ما فعله هذا الحاكم في العراق عامة وفي بغداد خاصة : تداركهم الله بلطفه فقدمها وعمَّر المساجد والمدارس ورمَّم الرُّبط والمشاهد وأجرى الجرايات من وقوفها للعلماء والفقهاء والصوفية ، وأعاد رونق الإسلام بمدينة السلام وحاز بهذا الفعل الجميل الذي يبقى على جبهات الزمان ، حسن الأجر والثناء ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . وإذا كانت جملة في هذا الكلام تستحق الوقوف عندها طويلاً ، فإننا نكتفي بالوقوف أمام جملة واحدة تغني عن الوقوف على كل ما عداها : أعاد رونق الإسلام بمدينة السلام . لقد عاد رونق الإسلام إلى مدينة السلام : عُمرت المساجد والمدارس والربط والمشاهد ، وأجريت الجرايات للعلماء والفقهاء والصوفية . . . أجل عاد رونق الإسلام إلى بغداد في ظل الحكم الإستقلالي الذي توفر للعراق بعد فتح بغداد . . . وإذا كانت مدة عماد الدين في حكم العراق لم تطل فقد خلفه في منصبه علاء الدين عطا ملك الجويني سنة 657 الذي تركه المغول يستقل بالعراق إستقلالاً كاملاً والذي تفوق على سلفه في التوسل بجميع الوسائل الممكنة لبعث حركة عمرانية كبرى في العراق بأسره ، فهو الذي جدد المدارس المتداعية ، وأنشأ جملة من المدارس ودور الكتب وغير ذلك ، كما أنشأ جملة من الرباطات والملاجئ والمستشفيات وأجرى عليها الجرايات ، وعني بتعمير المشاهد في النجف وكربلاء