15 - الحاكم الكافر العادل خيرٌ من المسلم الجائر ( لما فتح السلطان هولاكو بغداد في سنة ست وخمسين وستمائة أمر أن يستفتى العلماء أيهما أفضل : السلطان الكافر العادل أم السلطان المسلم الجائر ؟ ثم جمع العلماء بالمستنصرية لذلك ، فلما وقفوا على الفتيا أحجموا عن الجواب وكان رضيُّ الدين علي بن طاووس حاضراً هذا المجلس وكان مقدماً محترماً ، فلما رأى إحجامهم تناول الفتيا ووضع خطه فيها بتفضيل العادل الكافر على المسلم الجائر ، فوضع الناس خطوطهم بعده ) . ( الآداب السلطانية لابن الطقطقي / 2 ) . أقول : هذه الفتوى قد تصدم شعور المسلم المثالي الذي يعيش أجواء النظرية دون التطبيق ، وينظر إلى الشكل والاسم أكثر من المضمون والجوهر ! ولكي تُقنع هؤلاء الذين يحلِّقون في عالم النظرية ينبغي أن تحدثهم عن شئ من الواقع ليصححوا رؤيتهم ! والواقع هنا : أن الدين عندما تستعمله السلطة لمصادرة الحد الأدنى من حق الإنسان في حقه في العيش وحرية الإعتقاد والتعبير ، فلا يمكنك أن تطلب منه أن يعترف بشرعيتها ، أو يسكت على اضطهادها له ولا يقاوم . فالمشكلة مع سلطة كهذه متقدمةٌ رتبةً على الدين لأن الدين موضوعه الإنسان ، فإذا سحق الإنسان فقد سحق موضوع الدين ! إن علينا أن نعترف بأن تاريخ أمتنا ملئٌ بالإجبار والإكراه والاضطهاد ، وبأنا لا نجد في تاريخنا أحداً يحترم الإنسان المسلم إلا النبي وآله صلى الله عليه و آله ولهذا كانت معركة المسلمين مع حكوماتهم دائماً مطالبتها بألف باء حرية الإنسان واحترامه ! وهي معركة بدأت بمجرد أن أغمض النبي صلى الله عليه و آله عينيه وما زالت ! قال ابن قتيبة / 30 : ( إن أبا بكر أخبر بقوم تخلفوا عن بيعته عند علي فبعث