8 - قانون دفع الله الناس ببعضهم قال الله تعالى : وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ . ( البقرة : 251 ) . وقال تعالى : وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً . ( الحج : 40 ) . ومعناه أن حروب الناس وصراعاتهم تجري في ظاهرها بقوانين مادية طبيعية لكنها واقعة تحت السيطرة الإلهية ، وأن الله تعالى يتدخل فيها بالشكل الذي يضمن عدم فساد المجتمع البشري بدرجة مفرطة ، ويضمن بقاء مجموعات تعبد الله تعالى في الأرض . فالآيتان تقرران قانوناً إلهياً في التحكم في صراعات الناس ، وقد فسره الإمام الكاظم عليه السلام بقوله : ( ما التقت فئتان قط إلا نُصِرَ أعظمهما عفواً ) . ( الكافي : 2 / 108 ) وفصَّله الإمام الصادق عليه السلام بقوله : ( ما التقت فئتان قط من أهل الباطل إلا كان النصر مع أحسنهما بقية على أهل الاسلام ) . ( الكافي : 8 / 152 ) . ومعنى ذلك أن ما يقع هو الأفضل النسبي دائماً ، ولو وقع غيره لكان أسوأ منه ! وأن الله تعالى تكفل بتجديد القوى الفاعلة في حياة البشر ، وأن يُبقي منها الأكثر عفواً والأقل قتلاً وإبادة للناس ، ثم الأكثر ( ليبرالية ) وقبولاً لوجود جماعات تعبد الله تعالى في أرضه ، حتى بأنواع خاطئة من العبادة ! وبهذا القانون تكون موجة المغول داءً ضرورياً ودواءً لحالة الأمة ، وكاسحةً شريرة لقوى أشد شراً منها على مستقبل الأمة ووجودها ، وأن كل خسارات الأمة بالمغول يجبرها فسح المجال لطاقات التجديد المطلوبة . فما دامت الأمة وصلت في ظل الخلافة العباسية إلى درجة القبول بحكم خليفة سكران لا يهتم بغزو المغول لعاصمته وقصره ، ويتفضل بإصدار أمره الخلافي المقدس فيقول : قتلوا راقصتي فكثفوا الستائر !