عن حربهم مع روسيا التي اعتمدت على المدفعية والبنادق والمواجهة القريبة ، لأن مدى المدفعية كان قصيراً ، فكان يتقدم مئات المقاتلين أو ألوفهم في أرض سهلة أو صعبة ، ويجرُّون مدافعهم بواسطة الحيوانات أو الجنود ويحرصون على وضعها في أماكن تفاجئ العدو وتقتل من جنوده أكبر عدد ممكن ، وكثيراً ما تفاجؤهم مدافع العدو فتحصد منهم المئات دفعة واحدة ، ثم يهجم عليهم المشاة ببنادقهم . قال رحمه الله : وكانت جثث القتلى تترك مُجَدَّلةً على وجه الأرض بلا صلاة ولا دفن ، لتأكلها الوحوش والطيور ! أما في اليمن فقالوا إن الدولة العثمانية أمرت بعد مدة بجمع عظام قتلاها ، فكانوا يجمعونها أكواماً كبيرة في الوديان ، ويطمرونها بالتراب ! وسمعت في النجف قصصاً أبلغ عن العثمانيين ، خاصة عن فتوى المراجع بوجوب جهاد الإنكليز ، وكيف استنفر العلماء ورؤساء العشائر ورجالهم ، وأقاموا معسكرات في البصرة والشعيبة وغيرها ، وحارب الشيعة جنباً إلى جنب مع ظالميهم ومضطهديهم الأتراك ، وكيف اختلط الدم الشيعي بالدم التركي في العراق للدفاع عن الوطن الإسلامي ، بينما اختلط دم النواصب بالدم الإنكليزي في مكان آخر ! وكيف كان جنرالات الجيش التركي يأتون إلى معسكرات المجاهدين مؤدبين يُقَبِّلون أيدي كبار العلماء ويشكرونهم ، وكيف انهزم الجيش التركي قبل المجاهدين ، وضمَّتْ سجون الإنكليز ضباط الأتراك وعلماء الشيعة معاً . . إلى آخر قصص الثورة والهزيمة ، وفيها عبرٌ عن حالة جيش بني عثمان وعوامل انهيار دولتهم ، وعبرٌ عن أصالة عشائر الشيعة ، وطيبتهم في اندفاعهم للجهاد ، مع أنهم لا يملكون مقوماته ، ولا ظروفه .