وقد شهد الأئمة من المذاهب بمكانته فقال عنه شعبة : « محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث » . ( تاريخ بغداد : 1 / 243 ( . وقال أبو معاوية : « كان أحفظ الناس ، وكان إذا كان عند الرجل خمسة أحاديث أو أكثر جاء واستودعها ابن إسحاق ، يقول : إحفظها عني ، فإن نسيتها كنت قد حفظتَها عليَّ » ! ( سير الذهبي : 7 / 51 ) . لكن ذلك لم ينفعه عند المنصور ، فلم يتبنَّ محمد بن إسحاق ، وتبنى مالك بن أنس وجعله إماماً ، وادعى مالك أنه عربي من قبيلة أصبح اليمنية ، فرد ابن إسحاق ادعاءه ، فغضب عليه مالك ووالي المدينة ، وأخرجاه منها ! قال الذهبي في سيره : 8 / 48 : « مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي . . كان طوالاً جسيماً عظيم الهامة أشقر ، عظيم اللحية ، أصلع ، وكان لا يُحْفي شاربه ويراه مُثْلَة . . أزرق العينين تبلغ لحيته صدره ، ويلبس الثياب الرفيعة البياض » . وقال ابن حبان في الثقات : 7 / 382 : « لم يكن بالحجاز أحد أعلم بأنساب الناس وأيامهم من محمد بن إسحاق ، وكان يزعم أن مالكاً من موالي ذي أصبح ، وكان مالك يزعم أنه من أنفسهم ، فوقع بينهما لهذا مفاوضة . فلما صنف مالك الموطأ قال بن إسحاق : إئتوني به فإني بيطاره ! فنقل ذلك إلى مالك فقال : هذا دجال من الدجاجلة يروي عن اليهود ! وكان بينهم ما يكون بين الناس ، حتى عزم محمد بن إسحاق على الخروج إلى العراق ، فتصالحا حينئذ فأعطاه مالك عند الوداع خمسين ديناراً نصف ثمرته تلك السنة ، ولم يكن يقدح فيه مالك من أجل الحديث ، إنما كان ينكر عليه تتبعه غزوات النبي ( صلى الله عليه وآله ) عن أولاد اليهود