وهو الذي وفد عليه سيف بن ذي يزن ، فأعلمه أن الحبشة قدمت بلاد اليمن ، وغلبت عليها ، وأنه هرقل ملك الروم لم ينصره ، فبعث معه بأهل السجون وأمر عليهم رجلاً من مشيخة قواده شجاعاً مجرباً يقال له وهرز ، فصار إلى بلاد اليمن ، وقتل ملك الحبشة ، وملَّك سيف بن ذي يزن . وكانت مدة ملك أنوشروان ثمانياً وأربعين سنة . وعقد لابنه هرمز من بعده ، فطمع بمملكته خاقان الترك وزحف عليه بجيشه ودخل بلاد خراسان ، وأقبل ملك الخزر في جموع حتى نزل آذربيجان ، فخاف أنوشروان وأرسل له قائداً مغموراً اسمه بهرام شوبين أو جوبين ، فانتصر على ملك الترك وقتله وكتب بالفتح مع ابنه برموذه إلى هرمز ، فسر به فأكرمه هرمز ، وأجلسه معه على السرير ، فأخبره بما صار إلى أبيه بهرام من الأموال والكنوز ، وأنه كتمها عن هرمز ، فكتب إليه هرمز يأمره أن يحملها إليه ، فخلعه هو وجنده وساءت علاقتهما وأرسل بهرام إلى خاقان ملك الترك يطلب صلحه على أن يرد عليه كل أرض حازها من بلاده . وسار بهرام إلى الري ودبر أن يوقع الخلاف بين هرمز وبين ابنه كسرى أبرويز ، فأراد هرمز أن يحبس ابنه كسرى ، فهرب إلى آذربيجان ، فاجتمع إليه رؤساؤه وبايعوه . وكتب قادة جيش أبيه له بالبيعة فقدم من آذربيجان ، فخلعوا أباه وملكوه فحبس أباه وسمل عينيه ! وكان ملك هرمز اثنتي عشرة سنة . واستقام أمر كسرى أبرويز لكنه اختلف مع بهرام فتفرق عنه جنده فلحقته خيل بهرام فهرب حتى طلب طعاما فلم يجد إلا خبز شعير . ثم ذهب إلى الرها