وكان يجب أن يقول عمر : أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أمراً وأردنا غيره ، لأن الله تعالى لم يرد غيره ، بل سمح بمخالفة الرسل وأعطى الحرية للبشر ، وهذا السماح إرادة تكوينية لا تشريعية حتى يصح نسبة الأمر إلى تعالى ، وإلا كانت كل المعاصي منه سبحانه ! أما الحسنان ( عليهما السلام ) فروى أنهما شاركا في الفتوحات في عهد عثمان ، رواه البلاذري ( 2 / 411 ) بصيغة تضعيف ، قال : « فغزا سعيد طبرستان ، ومعه في غزاته فيما يقال الحسن والحسين أبناء علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) » . لكن لو شاركا لاشتهر ذلك ، ويكفي لرد ذلك أن أمير المؤمنين كان شديد المحافظة على حياتهما ( عليهم السلام ) ، وفي ذهابهما خطر على حياتهما من المنافقين قبل المعارك وقد بعث أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من يرد الإمام الحسن ( عليهما السلام ) من المعركة في صفين ، وقال كما في نهج البلاغة ( 2 / 186 ) : « وقد رأى الحسن ( عليه السلام ) يتسرع إلى الحرب : إملكوا عني هذا الغلام ، لا يهدني ، فإني أنفس بهذين ، يعني الحسن والحسين على الموت ، لئلا ينقطع بهما نسل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ) . وبسبب ما قدمناه ، لم يذكر أحد أن علياً ( عليه السلام ) شارك بنفسه في حرب المتنبئين خارج المدينة وضواحيها ولا في حروب الفتوحات ، فلو حضر في أي منها لاشتهر ذلك ، لأن مكانه ودوره ( عليه السلام ) في المعارك لا يخفى . وهذا تطبيق منه ( عليه السلام ) لعناصر موقفه من السلطة . وكأن قبوله قيادة جيش يعني اعترافه بأن الخليفة قائده ، والاعتراف الاختياري عنده مخالفة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) الذي لم يؤمِّر أحداً عليه طول عمره ، ولم يبعثه إلا أميراً على الصحابة واجب الطاعة . فبماذا يجيب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لو قال له : لقد حفظتُ مقامك الرباني فلم أؤمر عليك أحداً ، وأخبرتك بأن الأمة ستغدر بك