معهم السلاح والعدة والقوة ، والعرب وحالهم وضعفهم على ما قد رأيت ، فعجزت عن قتالهم ورضيت أن تكون أنت ومن معك من الروم في حال القبط أذلاء ، إلا تقاتلهم أنت ومن معك من الروم حتى تموت ، أو تظهر عليهم ، فإنهم فيكم على قدر كثرتكم وقوتكم وعلى قدر قلتهم وضعفهم ، كأكْلة ! فناهضهم القتال ولا يكون لك رأي غير ذلك . وكتب ملك الروم بمثل ذلك كتاباً إلى جماعة الروم ! فقال المقوقس لما أتاه كتاب ملك الروم : والله إنهم على قلتهم وضعفهم أقوى وأشد منا على كثرتنا وقوتنا ، وإن الرجل الواحد منهم ليعدل مائة رجل منا ، وذلك أنهم قوم الموت أحب إلى أحدهم من الحياة ، يقاتل الرجل منهم وهو مستقتل يتمنى أن لا يرجع إلى أهله ولا بلده ولا ولده ، ويرون أن لهم أجراً عظيماً فيمن قتلوه منا ، ويقولون إنهم إن قتلوا دخلوا الجنة وليس لهم رغبة في الدنيا ولا لذة إلا على قدر بلغة العيش من الطعام واللباس ، ونحن قوم نكره الموت ونحب الحياة ولذتها ، فكيف نستقيم نحن وهؤلاء وكيف صبرنا معهم ! واعلموا معشر الروم والله إني لا أخرج مما دخلت فيه ، ولا مما صالحت العرب عليه ، وإني لأعلم أنكم سترجعون غداً إلى رأيي وقولي ، وتتمنون أن لو كنتم أطعتموني ! وذلك أني قد عاينت ورأيت وعرفت ما لم يعاين الملك ولم يره ولم يعرفه ! ويْحكم ! أما يرضى أحدكم أن يكون آمناً في دهره على نفسه وماله وولده بدينارين في السنة !