قدمت أنت إلى الشام لشدت بك ظهور المسلمين ، فوالله ما أملك إلا نفسي ومالي ، وما أبخل بهما على المسلمين . قال : فلما سمع عمر بن الخطاب كلام عبد الرحمن بن عوف ونظر إلى إشفاق المسلمين وجزعهم على إخوانهم ، أقبل على عبد الله وقال : يا ابن قرط من المقدم على عساكر الروم ؟ فقلت : خمسة بطارقة أحدهم ابن أخت الملك هرقل ، وهو قورين ، والديرجان ، وقناطير ، وجيرجير ، وصلبانهم تحت صليب ماهان الأرمني ، وهو الملك على الجميع ، وجبلة بن الأيهم الغساني مقدم على ستين ألف فارس من العرب المتنصرة . فاسترجع عمر وقال : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ثم قرأ عمر : يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . ثم قال : ما تشيرون به عليَّ رحمكم الله تعالى ؟ فقال له علي بن أبي طالب : أبشروا رحمكم الله تعالى ، فإن هذه الوقعة يكون فيها آية من آيات الله تعالى ، يختبر بها عباده المؤمنين لينظر أفعالهم وصبرهم ، فمن صبر واحتسب كان عند الله من الصابرين . واعلموا أن هذه الوقعة هي التي ذكرها لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) التي يبقى ذكرها إلى الأبد ! هذه الدائرة المهلكة . فقال العباس : على مَن هي يا ابن أخي ؟ فقال : يا عماه على من كفر بالله واتخذ معه ولداً ، فثقوا بنصر الله عز وجل . ثم قال لعمر : يا أمير المؤمنين ، أكتب إلى عاملك أبي عبيدة كتاباً ، وأعلمه فيه أن نصر الله خير له من غوثنا ، ونجدتنا فيوشك أنه في أمر عظيم .