المسلمين ، فكانت وقعة اليرموك ، وأقام قيصر بأنطاكية ، فلما هزم الروم وجاءه الخبر وبلغه أن المسلمين قد بلغوا قنسرين خرج يريد القسطنطينية ، وصعد على نشز وأشرف على أرض الروم وقال : سلام عليك يا سورية ، سلام مودع لا يرجو أن يرجع إليك أبداً ! ثم قال : ويحك أرضاً ! ما أنفعك أرضاً ! ما أنفعك لعدوك لكثرة ما فيك من العشب والخصب ! ثم إنه مضى إلى القسطنطينية » . وقال ابن الأعثم في الفتوح : 1 / 172 : « قال : فعندها كتب هرقل إلى القسطنطينية وإلى رومية ، وعمورية ، ولهوانة ، واليعقوبية ، والسماوية ، والمسيحية وجماعة مدائن الروم ، فأمرهم بالمصير إليه . ثم كتب إلى أهل بيت المقدس ، وإلى قيسارية ، وإلى أهل أرمينية والجزيرة ، أن لا يبقى أحد منهم ممن أدرك الحلم وحمل السلاح وكان على دين هرقل إلا صار إليه ، فأجابته أهل دين النصرانية من جميع البلاد من أرض الشام وبلاد الشام ، وكور أرمينية ، وأرض الجزيرة ، فصار في خلق عظيم لا يحصيهم إلا الذي خلقهم . ثم دعا بوزيره الأعظم واسمه ماهان فتوَّجه بتاج ، ووصله بمائة ألف درهم وضم إليه مائة ألف من خواص جيشه ، ومن الذين يعتمد عليهم ، ثم قال له : إعلم يا ماهان أني اخترتك مقدماً على جميع أهل دين النصرانية ، فاعمل بما أوصيك به في حق أجنادك ، وعليك بالعدل فيهم ، والإشفاق عليهم ، والاحتراز من عدوهم ، والمسارعة لما يقر بهم من مقصدهم ، وعدم التشاغل عند الفرصة ، والتثبيت عند الحملة ، والجهد في صائب الرأي ، والحزم فيما يشكل من الأمور ، والعمل بما يقتضيه حكم كتابكم ، والوفاء بما يمكن فيه