باليرموك أتى الأسقف خالداً فسأله أن يجدد له كتاباً ويُشهد عليه أبا عبيدة والمسلمين ففعل ، وأثبت في الكتاب شهادة أبي عبيدة ، ويزيد بن أبي سفيان ، وشرحبيل بن حسنة ، وغيرهم ، فأرخه بالوقت الذي جدده » . أقول : بعد معركة مرج الصفر توجهت جيوش المسلمين لحصار دمشق ، وذكر الرواة أن قائد الخيل كان خالد بن سعيد ، لكن لم تقع معركة فلم يكن في الشام وحولها أي جيش للروم ! فحاصروها حتى استجاب أهلها للصلح . وينبغي التنبيه هنا : إلى أن حكم المدن والأراضي المفتوحة صلحاً أنه يجب التقيد فيها بما نص عليه عهد الصلح ، وهو ضريبة سنوية لحماية السكان بمبلغ دينار ذهبي أو دينارين لكل بالغ ، عدا الصغار والنساء والشيوخ ، ولا يجوز للوالي أن يخالف أحكام عهد الصلح . لكن الولاة ورواتهم كانوا حاولوا إثبات أن فتح هذه المنطقة أو تلك ، كان عُنْوَةً أي بالقوة والحرب ، لأن ذلك يجوِّز لهم فرض الجزية كما يهوون ! فصار ادعاؤهم مع حب الافتخار سبباً لاختراع المعارك ونسبة البطولة إلى زيد أو عمرو ، من أجل ظلم الشعوب التي كانت ترزح تحت ظلم الفرس والروم ، وبادرت لاستقبال المسلمين وعقدت معهم عهود الصلح . واليك نموذجاً من روايات المبالغة التي يريد صاحبها إثبات فضيلة لخالد ، وأنه فتح دمشق عنوة ، بذكائه وجرأته ! قال في تاريخ دمشق : 2 / 129 ، ونحوه الطبري : 2 / 625 : « فحاصروا أهل دمشق نحواً من سبعين ليلة حصاراً شديداً وقاتلوهم قتالاً شديداً ، بالزحوف والترامي