البريص . . وقد روى أن الروم أخرجوا ميتاً لهم من باب الجابية ليلاً وقد أحاط بجنازته خلق من شجعانهم وكماتهم ، وانصبَّ سائرهم إلى الباب فوقفوا عليه ليمنعوا المسلمين من فتحه ودخوله إلى رجوع أصحابهم من دفن الميت ، وطمعوا في غفلة المسلمين عنهم . وإن المسلمين بدروا بهم فقاتلوهم على الباب أشد قتال وأبرحه حتى فتحوه في وقت طلوع الشمس . فلما رأى الأسقف أن أبا عبيدة قد قارب دخول المدينة ، بدر إلى خالد فصالحه وفتح له الباب الشرقي ، فدخل والأسقف معه ناشراً كتابه الذي كتبه له . قال بعض المسلمين : والله ما خالد بأمير فكيف يجوز صلحه ؟ فقال أبو عبيدة : إنه يجيز على المسلمين أدناهم وأجاز صلحه وأمضاه ولم يلتفت إلى ما فتح عنوة ، فصارت دمشق صلحاً كلها . وكتب أبو عبيدة بذلك إلى عمر وأنفذه ، وفتحت أبواب المدينة فالتقى القوم جميعاً . . . وزعم الهيثم بن عدي أن أهل دمشق صولحوا على أنصاف منازلهم وكنائسهم . وقال محمد بن سعد : قال أبو عبد الله الواقدي : قرأت كتاب خالد بن الوليد لأهل دمشق ، فلم أر فيه أنصاف المنازل والكنائس . وقد روى ذلك ولا أدرى من أين جاء به من رواه ! ولكن دمشق لما فتحت لحق بشر كثير من أهلها بهرقل وهو بأنطاكية ، فكثرت فضول منازلها فنزلها المسلمون . . . قال الواقدي : وكان فتح مدينة دمشق في رجب سنة أربع عشرة ، وتاريخ كتاب خالد بصلحها في شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة . وذلك أن خالداً كتب الكتاب بغير تاريخ ، فلما اجتمع المسلمون للنهوض إلى من تجمع لهم