الغاية والمفزع والملجأ . فأقم بالمدينة ولا تبرحها ، فإنه أهيب لك في عدوك وأرعب لقلوبهم ، فإنك متى غزوت الأعاجم بنفسك يقول بعضهم لبعض : إن ملك العرب قد غزانا بنفسه لقلة أتباعه وأنصاره ، فيكون ذلك أشد لكَلَبهم عليك وعلى المسلمين . فأقم بمكانك الذي أنت فيه ، وابعث من يكفيك هذا الأمر ، والسلام . ذكر مشورة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ثانية : فقال عمر : يا أبا الحسن ، فما الحيلة في ذلك ، وقد اجتمعت الأعاجم عن بكرة أبيها بنهاوند في خمسين ومائة ألف ، يريدون استئصال المسلمين ؟ ! فقال له علي بن أبي طالب : الحيلة أن تبعث إليهم رجلاً مجرباً ، قد عرفته بالبأس والشدة ، فإنك أبصر بجندك وأعرف برجالك ، واستعن بالله وتوكل عليه واستنصره للمسلمين ، فإن استنصاره لهم خير من فئة عظيمة تمدهم بها ، فإن أظفر الله المسلمين فذلك الذي تحب وتريد ، وإن يكن الأخرى ، وأعوذ بالله من ذلك ، تكون ردءً للمسلمين ، وكهفاً يلجؤون إليه ، وفئةً ينحازون إليها . ذكر مشورة علي بن أبي طالب ثالثة : قال فقال له عمر : نعم ما قلت يا أبا الحسن ولكني أحببت أن يكون أهل البصرة وأهل الكوفة ، هم الذين يتولون حرب هؤلاء الأعاجم ، فإنهم قد ذاقوا حربهم وجربوهم ومارسوهم ، في غير موطن . فقال له علي : إن أحببت ذلك فاكتب إلى أهل البصرة أن يفترقوا على ثلاث فرق : فرقة تقيم في ديارهم فيكونوا حرساً لهم يدفعون عن حريمهم ، والفرقة