قال : ثم حمل جرير بن عبد الله على جميع أهل جلولاء ، فلم يزل يطاعن حتى انكسر رمحه ، وجرح جراحات كثيرة . . قال : وتقدم رجل من المرازبة يقال له رستم الأصغر ، حتى وقف بين الجمعين فجعل يقاتل أشد القتال ، قال : وانبرى له رجلان من المسلمين أخوان ، أحدهما يقال له عوام والآخر يقال له زهير ابنا عبد شمس ، قال : فحملا عليه وحمل عليهما فجاولهما في ميدان الحرب ساعة . . وجعل رستم يجول في ميدان الحرب ، فمرة يحمل على زهير ومرة يحمل على عوام . . ثم اعتوره زهير والعوام وحمل عليه جابر بن طارق النخعي ، فضربه ضربة على تاجه فقدَّ التاج وهامته ، فخر رستم صريعاً ، ثم نزلوا إليه فسلبوه ، وكانت قيمة سلبه ألف دينار . . قال : فبينما المسلمون كذلك في أشد ما يكون من الحرب وذلك في وقت العصر إذا هم بكتيبة للفرس جامة حسناء قد خرجت إليهم ، فكأن الناس هالتهم تلك الكتيبة فاتقوها ، فقال عمرو بن معدي كرب : يا معشر المسلمين ! لعله قد هالتكم هذه الكتيبة ؟ قالوا : نعم والله يا أبا ثور لقد هالتنا ! وذلك أنك تعلم أنا نقاتل هؤلاء القوم من وقت بزوغ الشمس إلى وقتنا هذا ، فقد تعبنا وكلت أيدينا ودوابنا وكاعت رجالنا ، وقد والله خشينا أن نعجز عن هذه الكتيبة ، إلا أن يأتينا الله بغياث من عنده ، أو نرزق عليهم قوة ونصراً . قال فقال عمرو : يا هؤلاء ! إنكم إنما تقاتلون عن دينكم ، وتذبون عن حريمكم ، وتدفعون عن حوزة الإسلام ، فصفوا خيولكم بعضها إلى بعض وانزلوا عنها والزموا الأرض ، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ، فإنكم