عزمت اليوم أن أجعل توبتي من فراري ، أن أشتري لله نفسي ، فلعله تبارك وتعالى أن يتجاوز عني ما قد مضى . قال : ثم تقدم بسيفه نحو الفرس فقاتل قتالاً عجب منه الفريقان جميعاً ، فلم يزل كذلك حتى قتل منهم جماعة ، وقُتل رحمة الله عليه . قال : ثم أقبل جرير بن عبد الله البجلي على بني عمه فقال : يا معشر بجيلة ! إعلموا أن لكم في هذه البلاد إن فتحها الله عليكم حظاً سنياً ، فاصبروا لقتال هؤلاء الفرس التماساً لإحدى الحسنيين : إما الشهادة فثوابها الجنة ، وإما النصر والظفر ففيهما الغنى من العيلة . وانظروا لا تقاتلوا رياء ولا سمعة ، فحسب الرجل خزياً أن يكون يريد بجهاده حمد المخلوقين دون الخالق . وبعد فإنكم جربتم هؤلاء القوم ومارستموهم ، وإنما لهم هذه القسي المنحنية وهذه السهام الطوال ، فهي أغنى سلاحهم عندهم ، فإذا رموكم بها فتترسوا ، والزموا الصبر وصابروهم ، فوالله إنكم الأنجاد الأمجاد ، الحسان الوجوه في اقتحام الشدائد ! فاصبروا صبراً يا معشر البجيلة ، فوالله إني لأرجو أن يرى المسلمون منكم اليوم ما تقر به عيونهم ! وما ذاك على الله بعزيز . ثم أنشأ جرير في ذلك يقول : < شعر > تلكم بجيلة قومي إن سألت بها * قادوا الجياد وفضوا جمع مهران وأدركوا الوتر من كسرى ومعشره * يوم العروبة وتر الحي شيبان فسائل الجمع جمع الفارسي وقد * حاولت عند ركوب الحي قحطان عز الأول كان عزا من يصول بهم * ورمية كان فيها هلك شيطان كان الكفور وبئس الفرس أن له * آباء صدق نموه غير ثبيان < / شعر >