وكذلك الأمر في فهم وضع الروم ، فعندما تقرأ في الطبري ( 3 / 100 ) أن هرقل بعد معركة اليرموك قرر الانسحاب من سوريا ، وهي تشمل الأردن وفلسطين ولبنان ، وقال : « فعليك السلام يا سورية تسليم المفارق ، ولا يعود إليك رومي أبداً إلا خائفاً » ! ( تاريخ الطبري : 3 / 100 ) . فلا يمكنك أن تقبل الرواية التي تدعي وجود معارك بعد هذا التاريخ ! وعندما تقرأ أن الروم انسحبوا من مصر ، وقال أهلها الأقباط لملكهم المقوقس : « ما تريد إلى قوم فلُّوا كسرى وقيصر وغلبوهم على بلادهم ، صالحِ القومَ واعتقد منهم ( أبرمْ معهم عقداً ) ولا تَعْرُض لهم ، ولا تُعَرِّضْنا لهم » . ( الطبري : 3 / 199 ) . فلا يمكنك أن تقبل ادعاء عمرو بن العاص بأنه خاض معارك مع الروم والأقباط لفتح مصر ، وفتحها عنوة ، فله أن يضع الخراج الذي يراه على أهلها ! فلا بد أن تشطب على عشرين معركة وأكثر ادعاها عمرو العاص ورواته ، فهي إما غارات قتل وسبي على أهل البلاد الأقباط ، أو مكذوبةٌ من أساسها . الرابعة : التدقيق في المعركة التي كانت العامل الأساسي في الفتح ، وخاضها المسلمون مع الفرس أو الروم أو القوى المحلية ، ومعرفة من قاتل فيها وحقق النصر ، ومن خاف وانهزم ، ثم ادعى البطولة لنفسه ! فقد اخترع الرواة معارك لا وجود لها ، من أجل إثبات بطولة لزيد أو عمرو ، أو ضخموا معركة صغيرة ، أو اخترعوا بطولة في معركة موجودة ، أو جعلوا عملاً صغيراً بطولةً خارقة . . إلى آخر القائمة !