تجد لكل واحد من هؤلاء أدواراً وإنجازات ، طمسها وأخفاها إعلام الخلافة وأظهر بدلها أصحاب الأدوار الشكلية ، أو الثانوية ، أو المسروقة ! لذلك لا بد أن لمعرفة حقيقة الفتوحات ، أن نبحث سيرة من ادعيت لهم أدوار في فتح العراق وإيران وبلاد الشام ومصر ، وسيرة الأبطال الفاتحين أصحاب الأدوار الحقيقية ، رضوان الله عليهم . صُنَّاع النصر معروفون ، لكن إعلام السلطة عتَّمَ عليهم : ففي كل معركة عادةً ، أفرادٌ ضعاف الأبدان ، أو أقوياء لكنهم خوافون ، لا يطلبون مبارزة ، ولا يستجيبون لمن يطلب مبارزتهم . وإذا بدأت الحملة تأخروا إلى آخر الصفوف يلوذون بالمقاتلين ، وإذا أحسوا بخطر هربوا ، وسببوا الوهن في صفهم ، وأصيب الجيش بالهزيمة من جهتهم ! ويتفاقم خطر هؤلاء إذا كانت راية الميمنة أو الميسرة أو القلب بيد أحدهم ، لأن فرار صاحب الراية يعني فرار من تحتها . ولذا يؤكد المسلمون على صاحب الراية أن لا يفرّ : « كانت راية المهاجرين مع سالم مولى أبي حذيفة ، فقالوا : نخشى علينا من نفسك شيئاً . فقال : بئس حامل القرآن أنا إذاً » . ( الطبري : 2 / 509 ) . ويوجد في الجيش عادةً رجالٌ شجعان ، يتقدمون إلى المبارزة ، ويكونون الخط الأول في الهجوم . فهم يَثْبُتُون إذا تراجع غيرهم ويشجعونهم ، فهؤلاء هم القوة الحقيقية للجيش ، وقادته الميدانيون ، وصُنَّاع النصر .