وصار الوادي خندقاً لهم وهو لهب لا يدرك . وإنما أراد باهان وأصحابه أن تستفيق الروم ويأنسوا بالمسلمين ، وترجع إليهم أفئدتهم عن طريتها . وانتقل المسلمون عن عسكرهم الذي اجتمعوا به ، فنزلوا عليهم بحذائهم على طريقهم ، وليس للروم طريق إلا عليهم ، فقال عمرو : أيها الناس أبشروا حصرت والله الروم ، وقلما جاء محصور بخير . فأقاموا بإزائهم وعلى طريقهم ومخرجهم صفر من سنة ثلاث عشرة ، وشهرى ربيع ، لا يقدرون من الروم على شئ ، ولا يخلصون إليهم ، واللهب وهو الواقوصة من ورائهم ، والخندق من أمامهم ، ولا يخرجون خرجة إلا أديل المسلمون منهم ، حتى إذا سلخوا شهر ربيع الأول وقد استمدوا أبا بكر وأعلموه الشأن في صفر » . أقول : الصحيح أنهم في تلك المدة استمدوا عمر لأن أبا بكر توفي قبل مرج الصفَّر ، واليرموك وفِحل ، وتولى الخلافة عمر ، فبادر إلى عزل خالد بن الوليد ومصادرة نصف أمواله ، وأمَّر أبا عبيدة مكانه ، فبعث إليه يستمده أيضاً ! لم يكن خالد بن الوليد قائد معركة اليرموك كانت قيادة المعركة مشتركة ، والروم نحو مئتي ألف ، والمسلمون أربعين ألفاً ، قال ابن عساكر في تاريخ دمشق : 2 / 142 : « قال خليفة بن خياط : قال ابن الكلبي : كانت الوقعة يعني باليرموك يوم الاثنين لخمس مضين من رجب ، سنة خمس عشرة . وهذه الأقوال هي المحفوظة في تاريخ اليرموك ) .