وبعث من يسوقهم حتى نزل صاحب الساقة ثنية جلق بأعلى فلسطين ، وبعث جرجة بن توذرا نحو يزيد بن أبي سفيان فعسكر بإزائه ، وبعث الدراقص فاستقبل شرحبيل بن حسنة ، وبعث الفيقار بن نسطوس في ستين ألفاً نحو أبى عبيدة . فهابهم المسلمون ، وجميع فرق المسلمين واحد وعشرون ألفاً ، سوى عكرمة في ستة آلاف ، ففزعوا جميعاً بالكتب وبالرسل إلى عمر أن ما الرأي ؟ فكاتبهم وراسلهم إن الرأي الاجتماع ، وذلك أن مثلنا إذا اجتمع لم يغلب من قلة ، وإذا نحن تفرقنا لم يبق الرجل منا في عدد يقرن فيه لأحد ممن استقبلنا وأعد لنا لكل طائفة منا . فاتعدوا اليرموك ليجتمعوا به . وقد كتب إلى أبى بكر بمثل ما كاتب به عمراً فطلع عليهم كتابه بمثل رأى عمرو ، بأن اجتمعوا فتكونوا عسكراً واحداً ، والقوا زحوف المشركين بزحف المسلمين ، فإنكم أعوان الله ، والله ناصر من نصره وخاذل من كفره ، ولن يؤتى مثلكم من قلة ، وإنما يؤتى العشرة آلاف والزيادة على العشرة آلاف إذا أتوا من تلقاء الذنوب ، فاحترسوا من الذنوب ، واجتمعوا باليرموك متساندين ، وليصل كل رجل منكم بأصحابه . وبلغ ذلك هرقل فكتب إلى بطارقته أن اجتمعوا لهم ، وانزلوا بالروم منزلاً واسع العطن ، واسع المطرد ، ضيق المهرب ، وعلى الناس التذارق وعلى المقدمة جرجة ، وعلى مجنبتيه باهان والدراقص ، وعلى الحرب الفيقار ، وأبشروا فإن باهان في الأثر مدداً لكم ، ففعلوا فنزلوا الواقوصة ، وهى على ضفة اليرموك