واعلم أن كل دم أراقه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بسيف علي ( عليه السلام ) وبسيف غيره ، فإن العرب بعد وفاته عَصَبَتْ تلك الدماء بعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وحده ! لأنه لم يكن في رهطه من يستحق في شرعهم وسنتهم وعادتهم أن تُعصب به تلك الدماء إلا بعليٍّ وحده ، وهذه عادة العرب إذا قتل منها قتلى طالبت بتلك الدماء القاتل ، فإن مات أو تعذرت عليها مطالبته ، طالبت بها أمثل الناس من أهله . لمَّا قَتل قوم من بنى تميم أخاً لعمرو بن هند ، قال بعضهم يحرض عمرواً عليهم : < شعر > من مُبلغٌ عمراً بأن * المرءَ لم يخلق صَبَارهْ ( حجارة ) وحوادثُ الأيام لا يبقى * لها إلا الحجارهْ ها إن عَجْزَةَ أمَّةٍ * بالسفح أسفل من أوارهْ تَسفى الرياح خلال كَشْ * حَيْهِ وقد سلبوا إزارهْ فاقتل زرارة لا أرى * في القوم أمثلَ من زرارهْ < / شعر > فأمره أن يقتل زرارة بن عدس رئيس بنى تميم ، ولم يكن قاتلاً أخا الملك ولا حاضراً قتله ! ومن نظر في أيام العرب ووقائعها ومقاتلها عرف ما ذكرناه » ! وكان بغض قريش لعلي ( عليه السلام ) لقتله أبطالها في بدر ، حجتها لعزله عن الخلافة ومخالفة نبيها ( صلى الله عليه وآله ) وربها عز وجل فيه ، وإبعاد بني هاشم عن أي منصب ، وبيعة أبي بكر مرشح الطلقاء . لكن لم يمض شهران على وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) حتى تحركت قبائل العرب ضد قريش ونبيها ( صلى الله عليه وآله ) وخليفته ، فأحست قريش بحاجتها الماسَّة إلى علي ( عليه السلام ) .