حتى صعدت الجبل ، فلقد رأيتني أنزو كأنني أروى ، والناس يقولون : قتل محمد » . والأروى : العنز الجبلية التي تتسلق الصخور ! وقال ابن إسحاق ( 3 / 309 ) أن أنس بن النضر : « انتهى إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله ، في رجال من المهاجرين والأنصار ، وقد ألقوا بأيديهم ( انهاروا ) فقال : ما يجلسكم ؟ قالوا : قتل رسول الله ! قال : فما تظنون بالحياة بعده ! قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل » . ولم يؤثر كلامه في الصحابة وبقوا على الصخرة ! وفي تفسير الطبري : 4 / 151 : « قال أهل المرض والارتياب والنفاق حين فرَّ الناس عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : قد قتل محمد فالحقوا بدينكم الأول » ! وفي الدر المنثور : 2 / 80 ، أن أحدهم قال أحدهم : « والذي نفسي بيده لئن كان قتل النبي ( صلى الله عليه وآله ) لنعطينهم بأيدينا ، إنهم لعشائرنا وإخواننا ! وقالوا : لو أن محمداً كان نبياً لم يهزم ولكنه قد قتل ! فترخصوا في الفرار حينئذ » ! وأصحاب هذا الموقف وهذه الردة قرشيون ، لقولهم إنهم لعشائرنا ! وفي معركة الخندق : أخذ الصحابة يستأذنون النبي ( صلى الله عليه وآله ) ليتفقدوا بيوتهم ، فكانوا يذهبون ولا يعودون ! وبعضهم هرب بلا استئذان ! قال حذيفة كما رواه الحاكم : 3 / 31 : « إن الناس تفرقوا عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ليلة الأحزاب ، فلم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً » ! وهذا فرار مخفي ، وقد فضحه الله تعالى بقوله : وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤولاً . ومعناه : أنهم ولوهم الأدبار ، بترك الخندق !