أما عمر فاعترف بأنه رأى العاص بن سعيد بن العاص في بدر فهرب منه : « رأيته يبحث للقتال كما يبحث الثور بقرنه ، فإذا شدقاه قد أزبدا كالوزغ فهبته وزُغت عنه ! فقال إلى أين يا ابن الخطاب » . ( ابن هشام : 2 / 464 ) . ثم أنزل الله في بدر : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ . وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ . ( الأنفال : 15 - 16 ) . ومعناه أنه كان في بدر فرارٌ من المبارزة ، وفرارٌ إلى الصفوف الخلفية ! وهو فرارٌ تام الشروط والأركان ، مستوجبٌ لغضب الرحمن . وفي أحُد : زعموا أن عمر هرب وأبا بكر لم يهرب ، فقال في الطبقات : 2 / 42 : « وثبت معه عصابة من أصحابه أربعة عشر رجلاً ، سبعة من المهاجرين فيهم أبو بكر الصديق ، وسبعة من الأنصار » . لكنهم كذَّبوا هذه الرواية فقال أبو بكر إنه من أول من رجع من الفرار يوم أحُد ! ففي الطبقات ( 3 / 155 ) : « عن عائشة قالت : حدثني أبو بكر قال : كنت في أول من فاء إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم أحد » . يقصد أنه كان في الأوائل الذين عادوا من الفرار ، وقد عادوا بعد الظهر ، بعد أن انسحب المشركون وغادروا ، وبعد أن صلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) على الشهداء ! أما عمر فقد تحدث عن هروبه ووصف نفسه ، ففي تفسير الطبري ( 4 / 193 ) : « خطب عمر يوم الجمعة فقرأ آل عمران . . قال : لما كان يوم أحد . . ففررت