والله ! ما أزلتموها عن أهلها إلا حسداً منكم لهم ، وما يستقر في قلبي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خرج من الدنيا ولم ينصب للناس علماً يتبعونه ! فارحل عنا أيها الرجل فإنك تدعو إلى غير رضا ، ثم أنشأ الحارث بن معاوية يقول : < شعر > كان الرسول هو المطاع فقد مضى * صلى عليه الله لم يستخلف ! < / شعر > قال : فوثب عرفجة بن عبد الله الذهلي فقال : صدق والله الحارث بن معاوية ! أخرجوا هذا الرجل عنكم ، فما صاحبه بأهل للخلافة ولا يستحقها بوجه من الوجوه ، وما المهاجرون والأنصار بأنظر لهذه الأمة من نبيها محمد ( صلى الله عليه وآله ) » . ( فتوح ابن الأعثم : 1 / 48 ) . فقد بدأت حركة كندة ضد أبي بكر بسبب رفضهم لخلافته ، ولم تكن ردة عن الإسلام ، ثم دخل في حركتهم رئيسهم الأشعث بن قيس فجعلها ردة ومفاوضة مع أبي بكر لأخذ امتيازات ، وقد أخذ ما يريد ! قال ابن حبان في الثقات : 2 / 181 : « فلما قدم الأشعث على أبى بكر قال أبو بكر : فما تأمرني أن أصنع فيك فإنك فعلت ما علمت ؟ قال الأشعث : تمن على وتفكني من الحديد وتزوجني أختك ، فإني قد راجعت وأسلمت . قال أبو بكر : قد فعلت ، فزوجه أخته ( أم ) فروة بنت أبي قحافة » . لكن استغلال شعار الردة لتصفية المعارضين للسقيفة ، لا ينفي وجود حركة ردة في قبائل العرب . وسببها أن عدداً من القبائل تصوروا أن نبوة قريش انتهت بوفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأن الفرصة جاءتهم ليعلنوا نبوتهم ، ويتحركوا ويحققوا مكاسب قبلية ، كما حققت قريش من نبوتها بزعمهم !