الرجال ظهر للناس منك الحاجة إلى رأي غيرك ، فيقطعك ذاك عن المشاورة ، فإنك لا تريد الرأي للفخر به ولكن للانتفاع به . ولو أنك أردت الذّكر كان أحسن الذكر عند الألبّاء أن يقال : لا ينفرد برأيه دون ذوي الرأي من إخوانه » . قال عمر بن الخطاب : « الرأي الفرد كالخيط السّحيل ، والرأيان كالخيطين المبرمين ، والثلاثة مرار [1] لا يكاد ينتقض » . وقال أشجع [2] : [ بسيط ] < شعر > رأي سرى وعيون الناس هاجعة * ما أخّر الحزم رأي قدّم الحذرا < / شعر > كتب الحجاج إلى المهلَّب يستعجله في حرب الأزارقة ، فكتب إليه المهلب : « إنّ من البلاء أن يكون الرأي لمن يملكه دون من يبصره » . وقيل لعبد اللَّه بن وهب الراسيّ يوم عقدت له الخوارج : تكلم . فقال : ما أنا والرأي الفطير والكلام القضيب . وقال أيضا : خمير الرأي خير من فطيره ، وربّ شيء غابّه خير من طريّه ، وتأخيره خير من تقديمه . وقيل لآخر : تكلم . فقال : ما أشتهي الخبز إلا بائتا . كان ابن هبيرة يقول : « اللهمّ إني أعوذ بك من صحبة من غايته خاصة نفسه والانحطاط في هوى مستشيره ، وممن لا يلتمس خالص مودّتك إلا بالتأتّي لموافقة شهوتك ، ومن يساعدك على سرور ساعتك ولا يفكر في حوادث غدك » . وكان يقال : « من أعطي أربعا لم يمنع أربعا : من أعطي الشكر لم يمنع المزيد ، ومن أعطي التوبة لم يمنع القبول ، ومن أعطي المشورة لم يمنع الصواب ، ومن أعطي الاستخارة لم يمنع الخيرة » . وكان يقال : لا تستشر معلَّما ولا راعي الغنم ولا كثير القعود مع النساء . وكان يقال :
[1] المرار : الحبل الذي أجيد فتله . [2] مرّ التعريف به .