وقرأت كتابا من أرسطاطاليس [1] إلى الإسكندر وفيه : « املك الرعية بالإحسان إليها تظفر بالمحبة منها فإن طلبك ذلك منها بإحسانك هو أدوم بقاء منه باعتسافك ، واعلم أنك إنما تملك الأبدان فتخطَّها إلى القلوب بالمعروف ، واعلم أن الرعية إذا قدرت على أن تقول ، قدرت على أن تفعل ، فاجهد ألا تقول تسلم من أن تفعل » . وقرأت في كتاب الآيين [2] أن بعض ملوك العجم قال في خطبة له : « إني إنما أملك الأجساد لا النيات وأحكم بالعدل لا بالرضا وأفحص عن الأعمال لا عن السرائر » . ونحوه قول العجم : « أسوس الملوك من قاد أبدان الرعية إلى طاعته بقلوبها » . وقالوا : « لا ينبغي للوالي أن يرغب في الكرامة التي ينالها من العامة كرها ولكن في التي يستحقها بحسن الأثر وصواب الرأي والتدبير » . حدّثنا الرياشي عن أحمد بن سلَّام عن شيخ له قال : « كان أنو شروان إذا ولَّى رجلا أمر الكاتب أن يدع في العهد موضع أربعة أسطر ليوقّع فيه بخطه فإذا أوتي بالعهد وقّع فيه : سس خيار الناس بالمحبة وامزج للعامة الرغبة بالرهبة وسُس سفلة الناس بالإخافة » .
[1] هو ابن نيقوماخس بن ماخازن ، كان أبوه متطببا لأبي الإسكندر . وهو من تلاميذ أفلاطون . وعن رأيه كان الإسكندر يمضي الأمور . توفي في أواخر أيام الإسكندر . كتاب الفهرست للنديم صفحة 307 - 309 ، تحقيق رضا - تجدّد ، طهران ، 1971 . وسرور النفس ، ص 168 . 192 ، 400 - 401 ، تحقيق الدكتور إحسان عباس ، المؤسّسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، 1980 . [2] الآيين : كلمة فارسية عرّبها العرب واستعملوها بمعنى القانون والعادة ، ولابن المقفع تأليف بهذا الاسم ذكره صاحب الفهرست .