فيأخذوا صدقتك فإذا أتوك فتلقّهم بها فإذا دخلوها فكن في أقاصيها وخلّ عنهم وعنها ، وإياك وأن تسبّهم فإنك إن سببتهم ذهب أجرك وأخذوا صدقتك وإن صبرت جاءتك في ميزانك يوم القيامة » . وفي رواية أخرى أنه قال : « إذا أتاك المصدّق فقل : خذ الحقّ ودع الباطل ، فإن أبى فلا تمنعه إذا أقبل ولا تلعنه إذا أدبر فتكون عاصيا خفّف عن ظالم » . وكان يقال : « طاعة السلطان على أربعة أوجه : على الرغبة ، والرهبة ، والمحبة ، والديانة » . وقرأت في بعض كتب العجم كتابا لأردشير بن بابك إلى الرعية ، نسخته : « من أردشير الموبذ [1] ذي البهاء ملك الملوك ووارث العظماء ، إلى الفقهاء الذين هم حملة الدين ، والأساورة الذين هم حفظة البيضة [2] ، والكتّاب الذين هم زينة المملكة ، وذوي الحرث الذين هم عمرة البلاد . السلام عليكم ، فإنا بحمد اللَّه صالحون وقد وضعنا عن رعيتنا بفضل رأفتنا إتاوتها الموظَّفة عليها . ونحن مع ذلك كاتبون إليكم بوصية : لا تستشعروا الحقد فيدهمكم العدوّ ، ولا تحتكروا فيشملكم القحط ، وتزوّجوا في القرابين فإنه أمسّ للرّحم وأثبت للنّسب ، ولا تعدّو هذه الدنيا شيئا فإنها لا تبقي على أحد ولا ترفضوها مع ذلك فإن الآخرة لا تنال إلا بها .
[1] الموبذ والموبذان : حاكم المجوس وكاهنهم والفيلسوف والحاذق النحرير ، فارسية معرّبة ، والجمع موابذة ؛ ومنه قول الحريري من مقامته المراغيّة : « أنسيتم يا جهابذة النقد وموابذة الحلّ والعقد » . [2] الأساورة والأساور : ج إسوار ، وهو قائد الفرس . والبيضة هي الخوذة ، وهي من آلات الحرب وتستعمل لوقاية الرأس .