قبلنا فيه قوله ودنّا بتأويله ولو أمرنا أن نأخذه على الوجه الذي نهانا عنه لأخذناه أو أعذرنا فيه ، ولا يعاب أحد على ترك حقه إنما المعيب من يطلب ما ليس له ، وكل صواب نافع وليس كل خطأ ضارّا ، انتهت القضية إلى داود وسليمان فلم يفهّمها داود وفهّمها سليمان ولم يضرّ داود . فأما القرابة فقد نفعت المشرك وهي للمؤمن أنفع ؛ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : « أنت عمّي وصنو أبي ومن أبغض العباس فقد أبغضني وهجرتك آخر الهجرة كما أن نبوّتي أخر النبوّة » . وقال لأبي طالب عند موته : « يا عمّ ، قل لا إله إلا اللَّه أشفع لك بها غدا وليس ذاك لأحد من الناس . قال اللَّه تعالى : * ( ولَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ ولَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) * [1] . حدّثنا الرياشي عن أحمد بن سلَّام مولى ذفيف عن مولى يزيد بن حاتم عن شيخ له قال : قال كسرى : « لا تنزل ببلد ليس فيه خمسة أشياء : سلطان قاهر ، وقاض عادل ، وسوق قائمة ، وطبيب عالم ، ونهر جار » . وحدّثنا الرياشي قال : حدّثنا مسلم بن إبراهيم قال : حدّثنا القاسم بن الفضل قال : حدّثنا ابن أخت العجاج عن العجاج قال : « قال لي أبو هريرة : ممن أنت ؟ قال : قلت من أهل العراق . قال : يوشك أن يأتيك بقعان [2] الشام
[1] سورة النساء 4 ، آية 18 . وتفسير الآية : إن التوبة تنفع والعمل يرفع ، ولكنه طوعا لا كرها حيث يساق المجرم إلى الموت . ولَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وهُمْ كُفَّارٌ أي الذين يتوبون يوم القيامة حيث يرون النار . [2] حديث أبي هريرة هو : « يوشك أن يعمل عليكم بقعان أهل الشام » والمراد خدمهم وعبيدهم ومماليكهم ؛ شبّههم لبياضهم وحمرتهم أو سوادهم بالشيء الأبقع ، ويعني بذلك الروم والسودان . وبقعان : ج أبقع ؛ يقال : غراب أبقع : فيه سواد وبياض .