إنما الزمان هو السلطان » . وكانت الحكماء تقول : « عدل السلطان أنفع للرعية من خصب الزمان » . وروى الهيثم عن ابن عيّاش عن الشّعبي قال : « أقبل معاوية ذات يوم على بني هاشم فقال : يا بني هاشم ، ألا تحدّثوني عن ادعائكم الخلافة دون قريش بم تكون لكم أبالرضا بكم أم بالاجتماع عليكم دون القرابة أم بالقرابة دون الجماعة أم بهما جميعا ؟ فإن كان هذا الأمر بالرضا والجماعة دون القرابة فلا أرى القرابة أثبتت حقا ولا أسّست ملكا ، وإن كان بالقرابة دون الجماعة والرضا فما منع العباس عمّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم ووارثه وساقي الحجيج وضامن الأيتام أن يطلبها وقد ضمن له أبو سفيان بني عبد مناف ، وإن كانت الخلافة بالرضا والجماعة والقرابة جميعا فإن القرابة خصلة من خصال الإمامة لا تكون الإمامة بها وحدها وأنتم تدّعونها بها وحدها ، ولكنا نقول : أحقّ قريش بها من بسط الناس أيديهم إليه بالبيعة عليها ونقلوا أقدامهم إليه للرغبة وطارت إليه أهواؤهم للثقة وقاتل عنها بحقها فأدركها من وجهها . إنّ أمركم لأمر تضيق بها الصدور ، إذا سئلتم عمّن اجتمع عليه من غيركم قلتم حقّ . فإن كانوا اجتمعوا على حق فقد أخرجكم الحقّ من دعواكم . أنظروا : فإن كان القوم أخذوا حقكم فاطلبوهم ، وإن كانوا أخذوا حقّهم فسلَّموا إليهم فإنه لا ينفعكم أن تروا لأنفسكم ما لا يراه الناس لكم . فقال ابن عباس : ندّعي هذا الأمر بحقّ من لو لا حقّه لم تقعد مقعدك هذا ، ونقول كان ترك الناس أن يرضوا بنا ويجتمعوا علينا حقّا ضيّعوه وحظَّ حرموه ، وقد اجتمعوا على ذي فضل لم يخطئ الورد والصّدر ، ولا ينقص فضل ذي فضل فضل غيره عليه . قال اللَّه عز وجل * ( ويُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَه ) * [1] فأما الذي منعنا من طلب هذا الأمر بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فعهد منه إلينا
[1] سورة هود 11 ، آية 3 . والمعنى : ويؤتي في الآخرة كل ذي فضل في العمل جزاءه . تفسير الجلالين .