من قولك أن يخطئ ومن لونك أن يتغيّر ومن جسدك أن يخفّ ، وإن الملوك تعاقب قدرة وحزما ، وتعفو تفضّلا وحلما ، ولا ينبغي للقادر أن يستخفّ ولا للحليم أن يزهو ، وإذا رضيت فأبلغ بمن رضيت عنه يحرص من سواه على رضاك ، وإذا سخطت فضع من سخطت عليه يهرب من سواه من سخطك ، وإذا عاقبت فانهك [1] لئلا يتعرّض لعقوبتك ، واعلم أنك تجلّ عن الغضب وأن غضبك يصغر عن ملكك ، فقدّر لسخطك من العقاب كما تقدّر لرضاك من الثواب . قال محمد [2] بن وهيب : [ طويل ] < شعر > لئن كنت محتاجا إلى الحلم إنني * إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج ولي فرس للحلم بالحلم ملجم * ولي فرس للجهل بالجهل مسرج فمن رام تقويمي فإني مقوّم * ومن رام تعويجي فإني معوّج وما كنت أرضى الجهل خدنا [3] وصاحبا * ولكنني أرضى به حين أخرج ألا ربّما ضاق الفضاء بأهله * وأمكن من بين الأسنّة مخرج وإن قال بعض الناس فيه سماجة * فقد صدقوا ، والذلّ بالحرّ أسمج < / شعر > وقال ابن المقفع : لا ينبغي للملك أن يغضب لأن القدرة من وراء حاجته ، ولا يكذب لأنه لا يقدر أحد على استكراهه على غير ما يريد ، ولا يبخل لأنه لا يخاف الفقر ، ولا يحقد لأن خطره قد جلّ عن المجازاة . قال سويد بن الصامت [4] :
[1] نهك السلطان : بالغ في العقوبة . [2] محمد بن وهيب الحميري شاعر مطبوع مكثر ومن شعراء الدولة العباسية . كان يتشيّع وله مراث في أهل البيت . توفي نحو 225 ه . الأعلام ج 7 ص 134 . [3] الخدن : الصاحب والرفيق . [4] سويد بن الصامت شاعر من أهل المدينة ، اشتهر في الجاهلية وأدرك الإسلام وهو شيخ كبير . قتله الخزرج قبل الهجرة . الأعلام ج 3 ص 145 .