اليوم لما تركته أنت له قبل اليوم . وأغلظ عبد لسيده ، فقال : إني أصبر لهذا الغلام على ما ترون لأروض نفسي بذلك ، فإذا صبرت للمملوك على المكروه كانت لغير المملوك أصبر . كلَّم عمر بن عبد العزيز رجلا من بني أميّة وقد ولدته نساء بني مرّة فعاب عليه جفاء رآه منه ، فقال : قبّح اللَّه شبها غلب عليك من بنيّ مرّة ، وبلغ ذلك عقيل بن علَّفة المرّيّ وهو بجنفاء من المدينة على أميال في بلد بني مرّة ، فركب حتى قدم على عمر وهو بدير سمعان ، فقال : هيه يا أمير المؤمنين ! بلغني أنك غضبت على فتى من بني أبيك ، فقلت : قبح اللَّه شبها غلب عليك من بني مرّة ، وإني أقول : قبّح اللَّه ألأم طرفيه ، فقال عمر : دع ، ويحك ، هذا وهات حاجتك . فقال : واللَّه ما لي حاجة غير حاجته ، وولَّى راجعا من حيث جاء ، فقال عمر : يا سبحان اللَّه ! من رأى مثل هذا الشيخ ؟ جاء من جنفاء ليس إلَّا يشتمنا ثم انصرف ! فقال له رجل من بني مرّة : إنه واللَّه يا أمير المؤمنين ما شتمك وما شتم إلا نفسه ، نحن واللَّه ألأم طرفيه . المدائني قال : لما عزل الحجاج أمية بن عبد اللَّه عن خراسان أمر رجلا من بني تميم فعابه بخراسان وشنّع عليه ، فلما قفل لقيه التميميّ فقال : أصلح اللَّه الأمير لا تلمني فإني كنت مأمورا ، فقال : يا أخا بني تميم أو حدّثتك نفسك أنّي وجدت عليك ؟ قال : قد ظننت ذاك ، قال : إن لنفسك عندك قدرا ! . كان يقال : طيّروا دماء الشباب في وجوههم . ويقال : الغضب غول الحلم . ويقال : القدرة تذهب الحفيظة . وكتب كسرى أبرويز إلى ابنه شيرويه من الحبس : إن كلمة منك تسفك دما ، وإنّ كلمة أخرى منك تحقن دما ، وإن سخطك سيوف مسلولة على من سخطت عليه ، وإنّ رضاك بركة مستفيضة على من رضيت عنه ، وإنّ نفاذ أمرك مع ظهور كلامك ، فاحترس في غضبك