وقال النابغة [1] الجعدي يمدح الشام : [ رمل ] < شعر > جاعلين الشام حمّا [2] لهم * ولئن همّوا لنعم المتنقل موته أجر ومحياه غنى * وإليه عن أذاه معتزل < / شعر > وقال أيضا : [ طويل ] < شعر > ولكنّ قومي أصبحوا مثل خيبر * بها داؤها ولا تضرّ الأعاديا < / شعر > قال الأصمعي : لم يولد بغدير خمّ مولود فعاش إلى أن يحتمل إلَّا أن يتحوّل عنها . قال : وحرّة ليلى [3] ربما مرّ بها الطائر فيسقط ريشه . قال عمرو ابن بحر : يزعمون أنّ من دخل أرض تبّت لم يزل ضاحكا مسرورا من غير عجب حتى يخرج منها ، ومن أقام بالموصل عاما ثم تفقّد قوّته وجد فيها فضلا ، ومن أقام بالأهواز حولا فتفقّد عقله وجد النقصان فيه بيّنا . والناس يقولون : حمّى خيبر وطحال البحرين ودماميل الجزيرة وطواعين الشام . قالوا : من أطال الصوم بالمصّيصة [4] في الصيف خيف عليه الجنون . وأما قصبة الأهواز فتقلب كل من ينزلها من الأشراف إلى طبائع أهلها ، ووباؤها وحمّاها يكون في وقت انكسار الوباء ونزوع الحمّى عن جميع البلدان ، وكل محموم فإن حمّاه إذا أقلعت عنه فقد أخذ عند نفسه منها البراءة إلى أن تعود إلى التخليط وإلى أن يجتمع في جوفه الفساد إلا محموم الأهواز فإنها تعاود من فارقته
[1] تقدمت ترجمته في الحاشية رقم 5 ص 185 من هذا الجزء . [2] يقال : حمّ : قصد قصده . [3] حرّة ليلى تقع بالمدينة . اللسان مادة ( حرر ) وقد تقدم شرح واف عن مفهوم « حرة » . [4] المصّيصة : مدينة على ساحل البحر الرومي تجاور طرطوس والسيس وتلك النواحي . بناها صالح بن علي عمّ أبي جعفر المنصور في سنة 140 ه . بأمر المنصور نفسه . وفيات الأعيان ( ج 1 ص 127 ) . وقال في الأعلام ( ج 1 ص 31 ) أنها من أرض كيليكيا .