أكثرها وأطيبها ! ثم فتح الباب فإذا كلب قد خرج ، فقال : الحمد للَّه الذي مسخك كلبا وكفاني حربا . وقرأت في كتاب كليلة ودمنة : يخاف غير المخوف طائر يرفع رجليه خشية السماء أن تسقط ، وطائر يقوم على إحدى رجليه حذار الخسف إن قام عليهما ، ودودة تأكل التراب فلا تشبع خوفا أن يفنى إن شبعت فتجوع ، والخفافيش تستتر بالنهار خذار أن تصطاد لحسنها . بينا عبد اللَّه بن خازم السّلمي عند عبيد اللَّه بن زياد إذ دخل عليه بجرذ [1] أبيض فعجب منه وقال : يا أبا صالح ، هل رأيت أعجب من هذا ؟ وإذا عبد اللَّه قد تضاءل حتى صار كأنه فرخ واصفّر حتى كأنه جرادة ذكر . فقال عبيد اللَّه : أبو صالح يعصى الرحمن ويتهاون بالشيطان ويقبض على الثعبان ويمشي إلى الأسد الورد [2] ويلقى الرماح بوجهه قد اعتراه من هذا الجرذ ما ترون ! إن اللَّه على كل شيء قدير ! . كان الحارث بن هشام أخو أبي جهل بن هشام شهد بدرا مع المشركين وانهزم ، فقال فيه حسان [3] : [ كامل ] < شعر > إن كنت كاذبة الذي حدثتني * فنجوت منجى الحارث بن هشام ترك الأحبّة لم يقاتل دونهم * ونجا برأس طمرّة [4] ولجام < / شعر >
[1] الجرذ : ضرب من الفأر ، أو هو ذكر الفأر والعامة تقول جرذون . [2] الورد : الأسد . [3] هو الصحابي حسّان بن ثابت الخزرجي الأنصاري ، شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبي في النبوّة وشاعر اليمانيين في الإسلام . توفي سنة 54 ه . الأعلام ( ج 2 ص 175 - 176 ) . وذكر ابن عبد ربه في العقد ( ج 1 ص 144 ) بيتا ثالثا إضافة إلى البيتين المذكورين وقال : قال حسان بن ثابت هذا الشعر يعيّر الحارث بن هشام بفراره يوم بدر . [4] الطَّمرّة : الأنثى من الجياد ، وهي المستفزة للوثب والعدو ، وقيل : هي الطويلة القوائم .