بعدد الحصى وتسيل عليك الرجال من هاهنا ومن هاهنا ولئن فعلت لتكوننّ أشأم مولود . فلما رأى أنه لا يجيبه أحد أخذ باللين فقال : أخرج بأبي وأمي ، أنت مستور ، إني واللَّه ما أراك تعرفني ولو عرفتني لقنعت بقولي واطمأننت إليّ . أنا - فديتك - أبو الأغر النّهشلي ، وأنا خال القوم وجلدة بين أعينهم لا يعصونني ، ولن تضارّ الليلة فاخرج فأنت في ذمتي وعندي قوصرّتان [1] أهداهما إليّ ابن أختي البارّ الوصول فخذ إحداهما فانتبذها حلالا من اللَّه ورسوله . وكان الكلب إذا سمع الكلام أطرق وإذا سكت وثب يريغ المخرج ، فتهاتف أبو الأغرّ ثم تضاحك وقال : يا ألأم الناس وأوضعهم ، لا أرى إلا أني لك الليلة في واد وأنت لي في واد ، أقلَّب السوداء والبيضاء فتصيخ وتطرق ، وإذا سكتّ عنك وثبت تريغ المخرج ، واللَّه لتخرجنّ أو لألجنّ عليك البيت . فلما طال وقوفه جاءت إحدى الإماء فقالت : أعرابي مجنون ، واللَّه ما أرى في البيت شيئا ، فدفعت الباب فخرج الكلب شدّا وحاد عنه أبو الأغر ساقطا على قفاه ، ثم قال : يا للَّه ما رأيت كالليلة ! واللَّه ما أراه إلا كلبا ، أما واللَّه لو علمت بحاله لولجت عليه . وشبيه بهذا حديث لأبي حية النّميري ، وكان له سيف ليس بينه وبين الخشبة فرق ، وكان يسميه لعاب المنيّة . قال جار له : أشرفت عليه ليلة وقد انتضاه وشمّر وهو يقول : أيها المغترّ بنا والمجترئ علينا ، بئس واللَّه ما أخترت لنفسك ، خير قليل وسيف صقيل ، لعاب المنية الذي سمعت به ، مشهور ضربته لا تخاف نبوته . أخرج بالعفو عنك وإلا دخلت بالعقوبة عليك ، إني واللَّه إن أدع قيسا تملأ الأرض خيلا ورجلا . يا سبحان اللَّه ، ما
[1] القوصرّة : كناية عن المرأة ، وهي في الأصل وعاء للتمر يؤخذ من قصب تسمى بها ما دام فيها تمر وإلَّا يقال : زنبيل .