قال أبو بكر لعكرمة حين وجهه إلى عمان : يا عكرمة ، سر على بركة اللَّه ولا تنزل على مستأمن ولا تؤمّننّ على حق مسلم وأهدر الكفر بعضه ببعض وقدّم النّذر [1] بين يديك . ومهما قلت إني فاعل فافعله ولا تجعل قولك لغوا في عقوبة ولا عفو ، ولا ترج إذا أمّنت ولا تخافنّ إذا خوّفت ولكن انظر متى تقول وما تقول . ولا تعدنّ معصية بأكثر من عقوبتنا فإن فعلت أثمت وإن تركت كذبت . ولا تؤمّننّ شريفا دون أن يكفل بأهله ولا تكفلنّ ضعيفا أكثر من نفسه . واتق اللَّه فإذا لقيت فاصبر . وأوصى عبد الملك بن صالح أمير سريّة إلى بلاد الروم فقال : أنت تاجر اللَّه لعباده فكن كالمضارب الكيّس [2] الذي إن وجد ربحا تجر ، وإلا احتفظ برأس المال . ولا تطلب الغنيمة حتى تحوز السلامة . وكن من احتيالك على عدوّك أشدّ حذرا من احتيال عدوّك عليك . وحدّثني محمد بن عبيد عن ابن عيينة قال : أخبرني رجل من أهل المدينة أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال لزيد بن حارثة أو لعمرو بن العاص : « إذا بعثتك في سريّة فلا تتنقّهم واقتطعهم فإن اللَّه ينصر القوم بأضعفهم » . حدّثني محمد بن عبيد عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال : غزا نبيّ من الأنبياء أو غير نبي فقال : « لا يغزونّ معي رجل بنى بناء لم يكمله ، ولا رجل تزوّج امرأة لم يبن بها ، ولا رجل زرع زرعا ثم لم يحصده » . وذكر ابن عباس عليا فقال : ما رأيت رئيسا يوزن به ، لرأيته يوم صفّين
[1] النّذر : إسم من أنذره بالأمر : حذّره من عواقبه قبل حلوله . [2] الكيّس : الظريف البيّن الكياسة ، والكياسة هي تمكين النفوس من استنباط ما هو أنفع .