* ( الله ورَسُولَه ولا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ واصْبِرُوا إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ ) * [1] . حدّثني محمد بن عبيد قال : حدّثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن الأوزاعيّ قال : قال عتبة بن ربيعة يوم بدر لأصحابه : ألا ترونهم - يعني أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم - جثيّا على الرّكب كأنهم خرس يتلمّظون تلمّظ الحيّات . قال : وسمعتهم عائشة يكبّرون يوم الجمل فقالت : لا تكثروا الصياح فإن كثرة التكبير عند اللقاء من الفشل . وذكر أبو حاتم عن العتبيّ عن أبي إبراهيم قال : أوصى أبو بكر رضي اللَّه عنه يزيد بن أبي سفيان حين وجّهه إلى الشام فقال : يا يزيد ، سر على بركة اللَّه . فإذا دخلت بلاد العدوّ فكن بعيدا من الحملة فإني لا آمن عليك الجولة ، واستظهر بالزاد وسر بالأدلَّاء ولا تقاتل بمجروح فإنّ بعضه ليس منه ، واحترس من البيات [2] فإنّ في العرب غرّة ، وأقلل من الكلام فإنما لك ما وعي عنك . وإذا أتاك كتابي فأنفذه فإنما أعمل على حسب إنفاذه . وإذا قدمت عليك وفود العجم فأنزلهم معظم عسكرك وأسبغ عليهم النفقة وامنع الناس عن محادثتهم ليخرجوا جاهلين كما دخلوا جاهلين . ولا تلحّنّ في عقوبة فإن أدناها وجع ولا تسرعنّ إليها وأنت تكتفي بغيرها . واقبل من الناس علانيتهم وكلهم إلى اللَّه في سرائرهم . ولا تجسّس عسكرك فتفضحه ولا تهمله فتفسده . وأستودعك اللَّه الذي لا تضيع ودائعه .
[1] سورة الأنفال 8 ، الآيتان 45 و 46 . والمعنى : إذا لقيتم فئة باغية تسعى في الأرض فسادا فاثبتوا في جهادهم وقتالهم ، ويجب أن يكون هذا الجهاد خالصا لوجه اللَّه لا للغنيمة ؛ لأن النصر لا يتحقق إلَّا مع شرف الغاية ونزاهة القصد . ولا تنازعوا فتذهب قوتكم وهيبتكم . التفسير المبين . [2] البيات : الإسم من بيّت العدوّ ، أي أوقع به ليلا .