تميم لا يزال يغير على إبل الناس فيأخذ منها ثم يقاتلهم عليها إلى أن أغار على رجل فأصاب له جملا ، فجاء الرجل فأخذ بشعره فجذبه فبرك ، فقال الناس : كبرت واللَّه يا فرعان . فقال : لا واللَّه ولكن جذبني جذبة محقّ . وكان سديف بن ميمون مولى اللَّهبيين يقول : اللهمّ قد صار فيئنا دولة [1] بعد القسمة وإمارتنا غلبة بعد المشورة وعهدنا ميراثا بعد الاختيار للأمة . واشتريت الملاهي والمعازف بسهم اليتيم والأرملة وحكَّم في أبشار المسلمين أهل الذمة وتولى القيام بأمورهم فاسق كلّ محلَّة . اللهمّ وقد استحصد زرع الباطل وبلغ نهايته واجتمع طريده . اللهمّ فأتح له يدا من الحق حاصدة تبدد شمله وتفرّق أمره ليظهر الحقّ في أحسن صوره وأتم نوره . ولي أعرابي بعض النواحي فجمع اليهود في عمله وسألهم عن المسيح فقالوا : قتلناه وصلبناه . فقال : فهل أديتم ديته ؟ قالوا : لا . قال : فواللَّه لا تخرجون أو تؤدّوها . فلم يبرحوا حتى أدّوها . كان أبو العاج على جوالى البصرة فأتي برجل من النصارى : فقال ما اسمك ؟ فقال : بنداذ شهر بنداذ . فقال : اسم ثلاثة وجزية واحد ! لا واللَّه العظيم . قال : فأخذ منه ثلاث جزى . ولي أعرابي تبالة [2] فصعد المنبر فما حمد اللَّه ولا أثنى عليه حتى قال : إن الأمير ، أعزنا اللَّه وإياه ، ولَّاني بلادكم هذه ، وإني واللَّه ما أعرف من الحق
[1] صار الفيء دولة : صارت الغنيمة دولة بينهم يتداولونها فتكون مرة لهذا ومرة لهذا . [2] تباله ، بفتح التاء وفي آخرها هاء ، بليدة على طريق اليمن للخارج من مكة ، كثيرة الخصب ، وهي أول ولاية وليها الحجاج بن يوسف الثقفي ، ولكنه احتقرها وتركها لمّا رآها خلف الأكمة ، فضربت العرب بها المثل وقالت للشيء الحقير : أهون من تباله على الحجاج . وفيات الأعيان ج 6 ص 343 .