ودخل رجل من أهل الشام على عبد الملك بن مروان فقال : إني تزوجت امرأة وزوجت ابني أمّها ولا غنى بنا عن رفدك . فقال له عبد الملك : إن أخبرتني ما قرابة ما بين أولادكما إذا أولدتما ، فعلت . قال : يا أمير المؤمنين ، هذا حميد بن بحدل قد قلدته سيفك ووليته ماوراء بابك فسله عنها ، فإن أصاب لزمني الحرمان ، وإن أخطأ اتسع لي العذر . فدعا بالبحدلي فسأله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنك ما قدمتني على العلم بالأنساب ولكن على الطعن بالرّماح ، أحدهما عمّ الآخر والآخر خاله . قال ابن سيرين : كنا عند أبي عبيدة بن أبي حذيفة في قبّة له وبين يديه كانون له فيه نار فجاءه رجل فجلس معه على فراشه فسارّه بشيء لا ندري ما هو ، فقال له أبو عبيدة : ضع لي إصبعك في هذه النار . فقال له الرجل : سبحان اللَّه ! تأمرني أن أضع لك أصبعي في هذه النار ! فقال له أبو عبيدة : أتبخل عليّ بأصبع من أصابعك في نار الدنيا وتسألني أن أضع لك جسدي كله في نار جهنم ؟ قال : فظننا أنه دعاه إلى القضاء . كان يقال : « ثلاث إذا كنّ في القاضي فليس بكامل : إذا كره اللوائم ، وأحبّ المحامد ، وكره العزل . وثلاث إذا لم تكن فيه فليس بكامل : يشاور وإن كان عالما ، ولا يسمع شكيّة من أحد حتى يكون معه خصمه ، ويقضي إذا علم » . قالوا : « ويحتاج القاضي إلى العدل في لحظه ولفظه وقعود الخصوم بين يديه وألا يقضي وهو غضبان ولا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر » . قال الشعبي : حضرت شريحا ذات يوم وجاءته امرأة تخاصم زوجها