ولي حارثة [1] بن بدر « سرّق » فكتب إليه أنس الدّؤلي [2] : [ طويل ] < شعر > أحار [3] بن بدر قد وليت ولاية * فكن جرذا فيها تخون وتسرق وبار تميما إنّ للغنى * لسانا به المرء الهيوبة ينطق [4] فإنّ جميع الناس إمّا مكذّب * يقول بما يهوى وإمّا مصدّق يقولون أقوالا ولا يعلمونها * وإن قيل : هاتوا حقّقوا ، لم يحقّقوا ولا تحقرن ، يا حار ، شيئا أصبته * فحظَّك من ملك العراقين سرّق < / شعر > فلما بلغت حارثة قال : لا يعمى عليك الرشد . حدّثني أبو حاتم عن الأصمعي عن جويرية بن أسماء قال : قال فلان : « إن الرجل ليكون أمينا فإذا رأى الضّياع خان » . قرأت في كتاب أبرويز إلى ابنه شيرويه : « اجعل عقوبتك على اليسير من الخيانة كعقوبتك على الكثير منها ، فإذا لم يطمع منك في الصغير لم يجترأ عليك في الكبير . وأبرد البريد في الدرهم ينقص من الخراج ، ولا تعاقبنّ على شيء كعقوبتك على كسرة ولا ترزقنّ على شيء كرزقك على إزجائه [5] ، واجعل أعظم رزقك فيه وأحسن ثوابك عليه حقن دم المزجي
[1] حارثة بن بدر بن حصين التميمي الغداني من أهل البصرة ، له أخبار في الفتوح . أمّر على قتال الخوارج في العراق فهزموه . الأعلام ج ص 158 . وقال ابن منظور في لسان العرب ، مادة ( سرق ) أن عبد اللَّه بن زياد ولَّى حارثة سرّق ، وأضاف قائلا : سرّق : إحدى كور الأهواز وهنّ سبع . وقال ابن برّي : سرّق اسم موضع في العراق . [2] هو أنس بن أبي أناس بن زنيم ، شاعر ابن شاعر . ولقد ذكر ابن حزم في جمهرة أنساب العرب ص 184 - 185 الشطر الأول من البيت المذكور وقال : « إمارة » بدل « ولاية » . كذلك وردت هذه الأبيات في لسان العرب مادة ( سرق ) . [3] أحار : منادى مرخّم ، والأصل : « أحارثة » . [4] الهيوبة : الرجل الذي يخاف الناس . [5] إزجاؤه : من أزجى ، يقال : أزجاه إزجاء : زجاه واستحثّه ودفعه برفق .