وتوفير ماله من غير أن يعلم أنك أحمدت أمره حين عفّ واعتصم من أن يهلك » . وقرأت في التاج أن أبرويز قال لصاحب بيت المال : « إني لا أحتملك على خيانة درهم ولا أحمدك على حفظ ألف ألف درهم ، لأنك إنما تحقن بذلك دمك وتعمر به أمانتك فإنك إن خنت قليلا خنت كثيرا . واحترس من خصلتين : النقصان فيما تأخذ ، والزيادة فيما تعطي . واعلم أني لم أجعل أحدا على ذخائر الملك وعمارة المملكة والعدّة إلا وأنت آمن عندي من موضعه الذي هو فيه وخواتيمه التي هي عليها ، فحقّق ظني في اختياري إياك أحقق ظنّك في رجائك لي ، ولا تتعوّض بخير شرا ولا برفعة ضعة ولا بسلامة ندامة ولا بأمانة خيانة » . وكان يقال : « كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة » . قدم معاذ من يمن بعد وفاة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على أبي بكر رضي اللَّه عنه فقال له : إرفع حسابك . فقال : أحسابان ، حساب من اللَّه وحساب منكم ؟ لا واللَّه لا ألي لكم عملا أبدا . ذكر أعرابي رجلا خائنا فقال : إن الناس يأكلون أماناتهم لقما وإن فلانا يحسوها حسوا . قال بعض السلاطين لعامل له : « كل قليلا تعمل طويلا والزم العفاف يلزمك العمل ، وأياك والرّشى [1] يشتد ظهرك عند الخصام » .
[1] الرّشى : ج رشوة بفتح الراء وضمّها وكسرها ، وهي الوصلة لى الحاجة بالمصانعة ؛ وقيل : ما يعطيه الرجل للحاكم أو غيره ليحكم له أو يحمله به على ما يريد .