نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 73
المنيفة . كان الكتّاب كذلك من بين سائر الناس . قال الزبير بن بكَّار [1] : « الكتّاب ملوك وسائر الناس سوقة » . وقال ابن المقفّع : « الملوك أحوج إلى الكتّاب من الكتّاب إلى الملوك » ومن كلام المؤيد « كتّاب الملوك عيونهم المبصرة ، وآذانهم الواعية ، وألسنتهم الناطقة » . وكانت ملوك الفرس تقول : « الكتّاب نظام الأمور وجمال الملك ، وبهاء السلطان وخزّان أمواله ، والأمناء على رعيته وبلاده ، وهم أولى الناس بالحباء [2] والكرامة ، وأحقّهم بمحبّة السلام » . ومن كلام أبي جعفر الفضل بن احمد : « للكتّاب أقرّت الملوك بالفاقة والحاجة ، وإليهم ألقيت الأعنّة والأزمّة ، وبهم اعتصموا في النازلة والنّكبة ، وعليهم اتّكلوا في الأهل والولد والذخائر والعقد وولاة العهد وتدبير الملك وقراع الأعداء ، وتوفير الفيء ، وحياطة الحريم ، وحفظ الأسرار ، وترتيب المراتب ، ونظم الحروب » . قال في موادّ البيان : « وما من أحد يتوسّل إلى السلاطين بالأدب ، ويمتّ إليهم من العلم بسبب ، إلا وهو باقله [3] لا ينوّل ما ينوّله إلا على وجه الإرفاق ، خلا الكاتب فإنه ينوّل الرغائب العظيمة من طريق الاستحقاق ، لموضع الافتقار إليه والحاجة ، ومن المعلوم أنه لا بدّ من واسطة تقوم بين الملوك والرعية لبعد ما بين الطبقتين : العليا والدّنيا ، وليس من طبقات الناس من يساهم الملوك في جلالة القدر وعظيم الخطر ، ويشارك العامّة في التواضع والاقتصاد سوى الكتّاب فاحتيج إليهم للسّفارة في مصالح الرعيّة عند
[1] هو أبو عبد اللَّه ، الزبير بن بكّار المتوفى سنة 256 ه : مؤرخ وراوية . صاحب كتاب : « جمهرة نسب قريش وأخبارها » . ( الحلة السيراء 1 / 25 ) . [2] الحباء : العطاء . [3] باقله : باقل القول ، الذي في كلامه عيّ ، نسبة إلى باقل الذي يضرب به المثل في العيّ . يقال : أعيا من باقل » . ( جمهرة الأمثال : 2 / 72 ) .
73
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 73