نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 68
أحدها رسم ما يجب أن يرسم لكلّ من العمال والمكاتبين عن السلطان ومخاطبتهم بما تقتضيه السياسة من أمر ونهي ، وترغيب ، ووعد ووعيد ، وإحماد وإذمام . والثاني استخراج الأموال من وجوهها ، واستيفاء الحقوق السلطانية فيها . والثالث تفريقها في مستحقها من أعوان الدولة وأوليائها الذين يحمون حوزتها ، ويسدّون ثغورها ويحفظون أطرافها ، ويذبّون عنها وعن رعاياها ، وغير ذلك من وجوه النفقات الخاصة والعامة ؛ ومعلوم أن هذه الأعمال لا يقوم بها إلا كتّاب السلطان ، ولا سبيل للكتّاب إلى الكتابة فيها إلا بالتدبر في صناعة الكتابة ، فهي إذن من أشرف الصنائع لعظيم عائدتها على السلطان ودولته . قال الجاحظ : « من أبين فضلها أن جعلت في علية الناس » . قال صاحب موادّ البيان : « وقد عرف أن الذين وضعوها وابتدهوها [1] ورسموا رسومها هم الأنبياء عليهم السلام » . وقد ذكر علماء التاريخ أن يوسف عليه السلام كان يكتب للعزيز ، وهارون ويوشع بن نون كانا يكتبان لموسى عليه السلام ، وسليمان بن دواد كان يكتب لأبيه ، وآصف بن برخيا ويوسف بن عنقا كانا يكتبان لسليمان عليه السلام ، ويحيى بن زكريا كان يكتب للمسيح عليه السلام . وقد انتقل جماعة منها إلى الخلافة . فأبو بكر كان يكتب لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلَّم ثم صارت الخلافة إليه بعد ذلك . وعمر بن الخطاب كان يكتب للنبي صلى اللَّه عليه وسلَّم ثم صارت الخلافة إليه . وعثمان بن عفان كان يكتب للنبي صلى اللَّه عليه وسلَّم ثم كتب لأبي بكر بعده ثم صارت الخلافة إليه . ومعاوية كان يكتب للنبي صلى اللَّه عليه وسلَّم ثم صارت الخلافة إليه بعد الحسن ومروان بن الحكم كان يكتب لعثمان بن عفّان ثم صار الأمر