نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 355
ومن ذلك ما ذكرته في المفاخرة بين السيف والقلم في الكلام على لسان القلم ، وهو : « أنا جذيلها المحكَّك ، وعذيقها المرجّب ، وكريمها المبجل ، وعالمها المهذب » . فالقرينة الأولى فيها مثلان ، وأوّل من قالهما الحباب بن المنذر الأنصاري يومّ السّقيفة ، حين اجتمع الأنصار إلى سعد بن عبادة ، يوم مات النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في سقيفة بني ساعدة ، وأرادوا تأميره فذهب إليهم أبو بكر وعمر ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، وقال الحباب بن المنذر : منّا أمير ومنكم أمير ، إلى أن كان من كلامه هذان المثلان . والجذيل تصغير جذل ، واحد الأجذال ؛ وهي أصول الشجر العظام ؛ وكانت العرب إذا جربت الإبل نصبت لها جذلا في باطن الوادي تحتكّ فيه ، فلذلك قال جذيلها المحكَّك ، أراد أنه يستشفى برأيه ، كما تستشفي الإبل بالحك في ذلك الجذل ؛ والعذق بفتح العين النخلة بحملها ؛ وكان من عادتهم أن النخلة الكريمة يبنى حولها بناء يمنعها من السّقوط ؛ فذلك هو الترجيب ؛ أراد أنه كريم في قومه عزيز عليهم . وما ذكرته في المفاخرة بين السيف والقلم أيضا على لسان السيف وهو : « فالشمس من شعاعي في خجل ، والليل من ضوئي في وجل ؛ وما أسرعت في طلب ثأر إلا قيل فات ما ذبح ، وسبق السيف العذل » . ففي القرينة الأخيرة مثلان أحدهما « فات ما ذبح » وهو مثل يضرب لمن طلب الشيء بعد فواته ، وأصله أن بعض الملوك رأى مع أعرابيّ بازيا ، فأعجبه فأرسل في طلبه قاصدا ، فأتى الأعرابي ولم يكن عنده ما يضيفه به ، فذبح البازي وطبخه وقدّمه إليه ، غير عالم بقصده ، فلما فرغ من أكله ذكر للأعرابيّ أمر البازي وما كان من طلب الملك له ، فقال « فات ما ذبح » إنك أتيتني ولم يكن عندي ما أضيفك به ، فذبحت البازي وطبخته ، وهو الذي قدّمته إليك . والمثل الثاني « سبق السيف العذل » وهو مثل لمن يلوم على فعل شيء بعد وقوعه وفوات أمره . ومما حلّ من الأمثال الواردة نظما ، واستعمل في النثر ، قول القاضي شهاب الدين بن فضل اللَّه في « التعريف » في وصية أمير مكة المعظمة أيضا ،
355
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 355