نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 287
فيها مضّ ، وإنك أديم هذه الأمّة فلا تحلم لجاجا ، وسيفها العضب ، فلا تنب اعوجاجا ، وماؤها العذب ، فلا تحل أجاجا . واللَّه لقد سألت رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم عن هذا الأمر ، فقال لي يا أبا بكر هو لمن يرغب عنه لا لمن يجاحش عليه ، ولمن يتضاءل عنه لا لمن يتنفّج إليه ؛ هو لمن يقال هو لك لا لمن يقول هو لي . ولقد شاورني رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في الصّهر ، فذكر فتيانا من قريش فقلت أين أنت من عليّ ، فقال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : إني أكره لفاطمة ميعة شبابه وحداثة سنّه . فقلت له : متى كنفته يدك ورعته عينك ، حفّت بهما البركة ، وأسبغت عليهما النّعمة ؛ مع كلام كثير خاطبته به رغبة فيك ، وما كنت عرفت منك في ذلك لا حوجاء ولا لوجاء [1] ، فقلت ما قلت وأنا أرى مكان غيرك ، وأجد رائحة سواك ، وكنت إذ ذاك خيرا لك منك الآن لي ؛ ولئن كان عرّض بك رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في هذا الأمر ، فلم يكن معرضا عن غيرك ، وإن كان قال فيك فما سكت عن سواك وإن تلجلج في نفسك شيء ، فهلمّ فالحكم مرضيّ ، والصواب مسموع ، والحقّ مطاع . ولقد نقل رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم إلى اللَّه عز وجل ، وهو عن هذه العصابة راض وعليها حذر : يسرّه ما سرّها ، ويسوءه ما ساءها ، ويكيده ما كادها ، ويرضيه ما أرضاها ، ويسخطه ما أسخطها . أما تعلم أنه لم يدع أحدا من أصحابه ، وأقاربه ، وسجرائه [2] ، إلا أبانه بفضيلة ، وخصّه بمزية ، وأفرده بحالة . أتظنّ أنه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ترك الأمّة سدى بددا ، عباهل [3] ، مباهل ، طلاحى [4] مفتونة بالباطل ، مغبونة عن الحق ، لا رائد ولا ذائد ، ولا ضابط ولا حائط ، ولا ساقي ولا واقي ، ولا هادي ولا حادي كلا ! واللَّه ما اشتاق إلى ربه تعالى ، ولا سأله المصير إلى رضوانه وقربه ، إلا بعد أن ضرب المدى ، وأوضح الهدى ،
[1] ما لي فيه حوجاء ولا لوجاء أي ما لي فيه حاجة . ( اللسان 2 / 361 ) . [2] جمع سجير وهو الصديق . [3] أي مهملة . [4] طلاحى وطلحة أي تشتكي بطونها من أكل الطَّلح ، وهو نبات . ( اللسان 2 / 533 ) .
287
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 287