نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 286
الشّبيبة ، غافل عما يشيب ويريب ، لا تعي ما يراد ويشاد ، ولا تحصّل ما يساق ويقاد ، سوى ما أنت جار عليه إلى غايتك التي إليها عدل بك ، وعندها حطَّ رحلك ، غير مجهول القدر ولا مجحود الفضل ؛ ونحن في أثناء ذلك نعاني أحوالا تزيل الرّواسي ، ونقاسي أهوالا تشيب النواصي ، خائضين غمارها ، راكبين تيّارها ، نتجرّع صابها ، ونشرج عيابها [1] ، ونحكم آساسها ، ونبرم أمراسها ، والعيون تحدّج بالحسد ، والأنوف تعطَّس بالكبر ، والصّدور تستعر بالغيظ ، والأعناق تتطاول بالفخر ، والشّفار تشحذ بالمكر ، والأرض تميد بالخوف ، لا ننتظر عند المساء صباحا ، ولا عند الصّباح مساء ، ولا ندفع في نحر امرىء إلا بعد أن نحسو الموت دونه ، ولا نبلغ مرادا إلا بعد الإياس من الحياة عنده ، فادين في جميع ذلك رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بالأب والأم ، والخال والعم ، والمال والنّشب [2] ، والسّبد واللَّبد [3] ، والهلَّة والبلَّة [4] ، بطيب أنفس ، وقرّة أعين ، ورحب أعطان [5] ، وثبات عزائم ، وصحة عقول ، وطلاقة أوجه ، وذلاقة ألسن ؛ هذا مع خفيّات أسرار ، ومكنونات أخبار ، كنت عنها غافلا ، ولو لا سنّك لم تكن عن شيء منها ناكلا ، كيف وفؤادك مشهوم [6] ؟ وعودك معجوم . والآن قد بلغ اللَّه بك وأنهض الخير لك ، وجعل مرادك بين يديك ، وعن علم أقول ما تسمع ؛ فارتقب زمانك ، وقلَّص أردانك ، ودع التقعّس والتجسّس لمن لا يظلع لك إذا خطا [7] ، ولا يتزحزح عنك إذا عطا ؛ فالأمر غض ، والنفوس
[1] يقال : أشرجت العيبة وشرجتها إذا شددتها بالشرج ، وهي العرى . والمراد : نصلح ما عاب منها أو نرتق ما فتق . ( اللسان 2 / 305 ) . [2] النّشب المال والعقار ( اللسان 1 / 357 ) . [3] العرب تقول : ماله سبد ولا لبد أي ما له ذو وبر ولا صوف متلبد ، يكنّى بهما عن الإبل والغنم . ( اللسان 3 / 202 ) . [4] أي كل شيء . ويقال : ما أصاب عنده هلَّة ولا بلَّة أي ما أصاب شيئا . ( اللسان 11 / 702 ) . [5] العطن للإبل كالوطن للناس . ( اللسان 13 / 286 ) . [6] أي ذكي متوقّد الذهن . [7] ظلع ظلعا أي عرج وغمز في مشيته . وتأخّر وقصّر . ( اللسان 8 / 243 ) .
286
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 286