نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 265
وغيرهم من خلفاء الدولتين وأمرائهم خطب فائقة ، وبلاغات معجبة رائقة ، يضيق هذا الكتاب عن إيرادها ، وقد أوردنا من ذلك ما فيه كفاية للَّبيب ، ومقنع للأريب . ومن خطب أبي بكر بن عبد اللَّه أمير المدينة النبوية ، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، والتحية والإكرام ، وقد بلغه عن قوم من أهل المدينة أنهم ينالون من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلَّم ويسعفهم آخرون على ذلك : أيها الناس ! إني قائل قولا فمن وعاه وأدّاه فعلى اللَّه جزاؤه ، ومن لم يعه فلا يعد [1] من ذمامها ؛ إن قصّرتم عن تفصيله ، فلن تعجزوا عن تحصيله . فأرعوه أبصاركم وأوعوه أسماعكم وأشعروه قلوبكم ؛ فالموعظة حياة ، والمؤمنون إخوة ؛ وعلى اللَّه قصد السّبيل ، ولو شاء لهداكم أجمعين . فأتوا الهدى تهتدوا ، واجتنبوا الغيّ ترشدوا ، وأنيبوا إلى اللَّه جميعا أيّها المؤمنون لعلكم تفلحون . واللَّه جل جلاله وتقدّست أسماؤه أمركم بالجماعة ورضيها لكم . ونهاكم عن الفرقة وسخطها منكم . فاتّقوا اللَّه حقّ تقاته ولا تموتنّ إلَّا وأنتم مسلمون . واعتصموا بحبل اللَّه جميعا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة اللَّه عليكم إذ كنتم أعداء فألَّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النّار فأنقذكم منها . جعلنا اللَّه وإياكم ممن يتّبع رضوانه ويجتنب سخطه فإنا نحن به وله . وإن اللَّه بعث محمدا صلى اللَّه عليه وسلم بالدّين ، واختاره على العالمين ، واختار له أصحابا على الحق وزراء دون الخلق . اختصّهم به وانتخبهم له ، فصدّقوه ونصروه وعزّروه [2] ووقّروه ؛ فلم يقدموا إلا بأمره ، ولم يحجموا إلا عن رأيه ، وكانوا أعوانه بعهده ، وخلفاءه من بعده . فوصفهم فأحسن وصفهم وذكرهم فأثنى عليهم
[1] لعل مراده : فلا يخرج من حرمتها ، أي المقالة . [2] عزّروه أي فخّموه وعظموه ، وهي كلمة من الأضداد ، إذ تأتي بمعنى ضرب وأدّب . ( اللسان 4 / 562 ) .
265
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 265