نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 231
قال في « المثل السائر » : وإذا ضمنت الآيات في أماكنها اللائقة بها ، ومواضعها المناسبة لها ، فلا شبهة فيما يصير للكلام من الفخامة والجزالة والرونق . قال في « حسن التوسل » : ومن شرف الاستشهاد بالقرآن الكريم إقامة الحجة ، وقطع النزاع ، وإذعان الخصم . قال في « حسن التوسل » : وأين قول العرب - القتل أنفى للقتل - لمن أراد الاستشهاد في هذا المعنى من قوله تعالى * ( ( ولَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ ) ) * [1] وقد روي أن الحجاج قال لبعض العلماء : أنت تزعم أن الحسين من ذرية رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلَّم فأتني على ذلك بشاهد من كتاب اللَّه تعالى وإلا قتلتك فقرأ عليه * ( ( ومِنْ ذُرِّيَّتِه داوُدَ وسُلَيْمانَ وأَيُّوبَ ويُوسُفَ ومُوسى وهارُونَ وكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وزَكَرِيَّا ويَحْيى وعِيسى ) ) * [2] فعيسى ابن بنته فأسكت الحجاج . وأيضا فإن الآية الواحدة تقوم في بلوغ الغرض ، وتوفية المقاصد ما لا تقوم به الكتب المطولة والأدلة القاطعة . فمن أخصر ما وقع في ذلك وأبلغ أنه كان على الروم بهرقلة [3] في أيام الرشيد امرأة منهم ، وكانت تلاطف الرشيد ولها ابن صغير ، فلما نشأ فوضت الأمر إليه فعاث وأفسد وخاشن الرشيد ؛ فخافت على ملك الروم فقتلت ولدها ، فغضب الروم لذلك ، فخرج عليها رجل منهم يقال له يقفور فقتلها واستولى على الملك وكتب إلى الرشيد : أما بعد ، فإن هذه المرأة وضعتك موضع الشاه ، ووضعت نفسها موضع الرخ [4] ، وينبغي أن تعلم أني أنا الشاه وأنت الرخ فأد إلي ما كانت المرأة تؤدي إليك ! فلما قرأ الكتاب . قال للكتاب : أجيبوا عنه ! فأتوا بما لم يرتضه ، وكان الرشيد خطيبا شاعرا فكتب : بسم اللَّه الرحمن الرحيم . من عبد اللَّه هارون أمير المؤمنين إلى يقفور
[1] سورة البقرة / 179 . [2] سورة الأنعام / 84 و 85 . [3] مدينة ببلاد الروم . غزاها الرشيد بنفسه وافتتحها عنوة بعد حصار شديد . ( معجم البلدان 5 / 398 ) . [4] الشاه والرخ قطعتان من قطع الشطرنج ( اللسان 3 / 18 و 13 / 511 ) .
231
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 231