نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 177
كان الكاتب يحتاج إلى أشياء منها نحو ما يكتب بالألف والياء ، وإلى شيء من المقصور والممدود . ولو كلف الكاتب ما ذكره من ذكره لجعل الأصعب طريقا للأسهل والأشقّ مفتاحا للأهون وفي طباع الناس النّفار عما ألزمهم من جميع هذه الأشياء . قلت : والتحقيق أن ذلك يختلف باختلاف حال الكتابة بحسب تنوعها ، فكلّ نوع من أنواعها يحتاج إلى معرفة فنّ أو فنون تختصّ به . وقد حكي أن عمرو بن مسعدة وزير المعتصم قال : لما خرج المعتصم من بلاد الروم وصار بناحية الرّقّة [1] ، قال لي : ويلك يا عمرو ! لم تزل تخدعني حتّى ولَّيت عمر بن الفرج الرّخّجي [2] الأهواز وقد قعد في سرّة الدنيا [3] يأكلها خضما [4] وقضما ! فقلت : يا أمير المؤمنين فأنا أبعث إليه حتّى يؤخذ بالأموال ولو على أجنحة الطَّير - قال : كلَّا بل تخرج إليه بنفسك كما أشرت به - فقلت لنفسي : إن هذه منزلة خسيسة ، بعد الوزارة أكون مستحثّا لعامل خراج ! ولم أجد بدّا من الخروج رضا لأمير المؤمنين - فقلت : ها أبا خارج إليه بنفسي يا
[1] مدينة مشهورة على الفرات بينها وبين حرّان ثلاثة أيام . ( معجم البلدان 3 / 540 ) . [2] في الأصل : عمرو الرححي ( بحائين مهملتين ) والصواب ما أثبتناه ؛ فقد قال ياقوت في الكلام على رخجّ : مثال زمّج . وينسب إلى الرّخّج فرج وابنه عمر بن فرج وكانا من أعيان الكتاب في أيام المأمون إلى أيام المتوكل . وكان عبد الصمد بن المعذل يهجو عمر بن فرج . فمن قوله فيه يخاطب نجاح بن سلمة : < شعر > أبلغ نجاحا فتى الكتاب مألكة تمضي بها الريح إصدارا وإيرادا لا يخرج المال عفوا من يدي عمر أو تغمد السيف في فوديه إغمادا الرخّجيون لا يوفون ما وعدوا والرخّجيات لا يخلفن ميعادا < / شعر > ( معجم البلدان 3 / 38 ) . [3] السرّة بمعنى الوسط والجوف . وهنا بمعنى القلب ، وهي كناية عن الأهواز . ( اللسان 4 / 362 ) . [4] الخضم أكل الأخضر والرطب . ( اللسان 2 / 182 ) . والمقصود : يأكل أخضرها ويابسها ويستولي على كل ما فيها .
177
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 177