نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 178
أمير المؤمنين ! قال : فضع يدك على رأسك واحلف أنك لا تقيم ببغداد ، ففعلت وأحدثت عهدا بإخواني ومنزلي وأتي إليّ بزورق ففرش لي فيه ، ومضيت حتّى إذا صرت بين دير هرقل [1] ودير العاقول [2] إذا شابّ على الشط يقول : يا ملَّاح ! رجل غريب يريد دير العاقول فاحملني يأجرك اللَّه ! - فقلت : يا غلام قرّب له - فقال : جعلت فداك ! يؤذيك ويضيّق عليك - فقلت : قرّب له لا أمّ لك ! فقرّب له وحمله على مؤخّر الزورق . وحضر الطعام ، فهممت أن لا أدعوه إلى طعامي ، ثم قلت : هلمّ يا فتى ، فوثب وجلس ، فأكل أكل جائع نهم إلا أنه نظيف الأكل ؛ فلما فرغ من الطعام أحببت أن يفعل ما يفعل العوّام فيتنحّى ويغسل يديه ناحية فلم يفعل ، فغمزه الغلمان ليقوم فلم يفعل ، فتناومت عمدا لينهض فلم يفعل ، فاستويت جالسا وقلت يا فتى ! ما صناعتك ؟ فقال جعلت فداك ! أنا حائك . فقلت في نفسي : أنا واللَّه جلبت هذه البلية ، وتغير لوني ، ففطن أني استثقلته ، فقال : جعلت فداك ! انك قد سألتني عن صناعتي فأجبتك ، فأنت ما صناعتك ؟ فقلت : هذه واللَّه أضرّ من الأولى ألا ينظر إلى غلماني ونعمتي فيعلم أن مثل هذا لا يسأل عن الحرفة ؟ ولم أجد بدّا من الجواب ، فلم أذهب إلى المرتبة العظمى من الوزارة لكني قرّبت عليه ، فقلت : أنا كاتب - فقال : جعلت فداك ! الكتّاب خمسة فأيهم أنت ؟ فأورد عليّ ما لم أسمع به قبل - فقلت : بيّنهم لي - قال نعم ، هم كاتب رسائل يحتاج إلى أن يعرف المفصول والموصول ، والمقصور والممدود ، والابتداء والجواب ؛ حاذقا بالعقود والفتوح - قلت : أجل وماذا ؟ قال : كاتب خراج يحتاج أن يعرف السّطوح والمساحة والتّقسيط ، خبيرا بالحساب والمقاسمات . قلت : وماذا ؟ قال : كاتب قاض يحتاج أن يعرف الحلال والحرام ، والتأويل
[1] الصحيح : هزقل ، بالزاي المعجمة الساكنة والقاف المثناة المكسورة . وأصله هزقيل ، وهو دير مشهور بين البصرة وعسكر مكرم . ( معجم البلدان 2 / 540 ) . [2] بين مدائن كسرى والنعمانية . بينه وبين دجلة الآن مقدار ميل . ( معجم البلدان 2 / 520 ) .
178
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 178