نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 161
لكل واحد منهم رجلا من بعض خاصته يتولَّى إيصاله إليه فإنه إذا علم بعضهم ببعض ربما أظهره ، بخلاف ما إذا اختص الواحد بالسرّ . وأيضا فإنه لا يؤمن اتفاقهم عليه وممالأتهم لعدوّه . وكذلك يحترز عن تعرّف أحد من عسكره عيونه وجواسيسه ؛ فإن ذلك ربما يؤدّي إلى انتشار السرّ والعود بالمفسدة . وعليه أن يصغى إلى ما يلقيه إليه كلّ من جواسيسه وعيونه وإن اختلفت أخبارهم ويأخذ بالأحوط فيما يؤديّه إليه اجتهاده من ذلك ولا يجعل اختلافهم ذنبا لأحد منهم ، فقد تختلف أخبارهم وكل منهم صادق فيما يقوله ؛ إذ كل واحد قد يرى ما لا يرى الآخر ، ويسمع ما لا يسمعه . وإذا عثر على أحد من جواسيسه بزلَّة فليسترها عنه وعليه ، ولا يعاقبه على ذلك ولا يوبّخه عليه فإن وبّخه ففي خلوة بلطف مذكرا له أمر الآخرة وما في ممالأة العدوّ والخيانة من الوبال في الآخرة . ولا بأس بأن يجرى له ذكر ما عليه من مصافاته ومودّته وأنه مع العدوّ على غرر لا يدري ما هو صائر إليه ؛ فإن ذلك أدعى لاستصلاحه . ولا شك أن استصلاحه إمّا في الوقت أو فيما بعد خير من ثبات فساده ، فربما أدّاه ذلك إلى ممالأة العدوّ ومباطنته [1] ، لا سيما إذا كان العدوّ معروفا بالحلم والصفح ، وكثرة البذل والعطاء . وإذا حضر إليه جاسوس بخبر عن عدوّه استعمل فيه التثبت ودوام البشر ولا يظهر تهافتا عليه تظهر معه الخفّة ، ولا إعراضا عنه يفوت معه قدر المناصحة ، ولا يظهر له كراهة ما يأتيه به من الأخبار المكروهة فإن ذلك مما يستدعي فيه كتمان السرّ عنه فيما يكره فيؤدّي إلى الإضرار به . وقد حكي عن بعض الملوك أنه كان يعطي من يأتيه بالأخبار المكروهة من الجواسيس أكثر مما يعطي من يأتيه بالأخبار السارّة .
[1] اتخاذه بطانة له . وبطن به دخل في أمره . وبطنت بفلان صرت من خواصه . ( اللسان 13 / 55 ) .
161
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 161