نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 162
واعلم أنه لا يمكن أحدا ممن [1] يمنع بلاده أو عسكره من جواسيس عدوّه ، فيجب الاحتراز منهم بكتمان السرّ وستر العورة ما أمكنه ، على أنه ربما دعت الضرورة في بعض الأحيان إلى أن يعرّف الملك عدوّه بعض أموره على حقيقته لأمر يحاول به مكيدته . والطريق في ذلك أن يتلطف إلى أن يصيّر جاسوس عدوّه جاسوسا له بأن يتودّد إليه بالاستمالة والبرّ وكثرة البذل حتى يستخرج نصيحته ، فحينئذ يلقي إليه ما أراد تبليغه إلى صاحبه الأوّل مما فيه المكيدة فيوصله إليه فيكون أقرب لقبوله من بلوغه له من غيره ممن يتّهمه . الأمر العاشر نظره في أمور القصّاد الذين يسافرون بالملطَّفات من الكتب عند تعذر وصول البرد إلى ناحية من النواحي وهو من أعظم مهمات السلطنة وآكدها . وقد ذكر ابن الأثير في تاريخه : أن أوّل من اتخذ السّعاة من الملوك معزّ الدولة بن بويه أوّل ملوك الديلم بعد الثلاثين والثلاثمائة : وكان سبب ذلك أنه كان ببغداد ، وأخوه ركن الدولة ابن بويه بأصبهان وما معها فأراد معز الدولة سرعة إعلام أخيه ركن الدولة بتجدّدات الاخبار فأحدث السّعاة وانتشى في أيامه ساعيان اسم أحدهما فضل والآخر مرعوش ، وكان أحدهما ساعي السّنّة والآخر ساعي الشّيعة ، وتعصّب لكل منهما فرقة ، وبلغ من شأنهما أن كل واحد منهما كان يسير في كل يوم نيّفا وأربعين فرسخا ، واستمرّ حكم السّعاة ببغداد إلى زماننا حتّى إنّ منهم ساعيين لركاب السلطان يمشيان أمامه في المواكب وغيرها على قرب . قلت : « وقد رأيتهما في خدمة السلطان أحمد بن أويس صاحب بغداد
[1] كذا في الأصل . ولعل صوابه : لا يمكن أحدا أن يمنع
162
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 162